HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

شوط من مسلسل التراجعات ..!!!


حسناء أبو زيد
الخميس 1 غشت 2013




شوط من مسلسل التراجعات ..!!!
لو كنا بالفعل نؤمن بدولة المؤسسات ؛ لما ضاع حدث الأسبوع الفارط في رزنامة الأيام العادية ؛ و"تأرشف" في رَفِهِ المبرمج ؛ وتوالت الساعات هادئة في المؤسسات وفي النفوس؛ ؛بعد أن نفذت الحكومة أول التزامات دفتر تحملاتها في خنق الدستور ؛ الأمر يتعلق بشوط التراجع عن الإصلاح الذي افتتحته مصادقة المجلس الحكومي على مشروع قانون يتعلق بكيفية تنظيم وتسيير لجان تقصي الحقائق طبقا للمادة 67 من الدستور بتزامن مع إنهاء النقاش بشأن مقترح في نفس الموضوع في مجلس النواب وبمواكبة من الحكومة في شخص الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان ؛التشويق سيدخل على الخط حيث سيجيب هذا الأخير على استنكار الفريق الاشتراكي أن برمجة مشروع القانون على مستوى المجلس الحكومي لم تتم إلا بعد أن أخبره رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب أن رئيس المجلس طلب منه توقيف المسطرة بشأن مقترح القانون الذي قدمه مجلس النواب ؛ الأمر الذي أثار موجة من الإستنكار ؛ بعد ذلك ؛ سينفي رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب كل ذلك

أي أنه سيكذب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الذي سبق أن صرح أنه قاطع اجتماع المجلس الحكومي احتجاجا على برمجة مشروع القانون المذكور ؛ لم يؤكد رئيس مجلس النواب الأمر ولم ينفه ؛ ومر كل هذا التنكيل بهذه المؤسسات التي نتبجح ببنائها بلا صدى ؛ وخرق هذا الدستور الذي نرتله ترتيلا آناء الوطن وأطراف العالم دون أنين ؛نفسه الذي ندبج
به الأمل في تغير أحوالنا وننسج على مغزله آفاق التغيير ؛ مرت المهزلة على جسده دون جعجعة ؛ لا أحد اهتم لا أحد استنكر ؛ يستمر التشويق بعد أن يحتدم النقاش ليدفع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان دائماً ؛ بأن هذا اجتهاد حكومي يفتي بعدم أحقية البرلمان في المبادرة التشريعية بالنسبة للقوانين التنظيمية ؛ وأن الامتداد الحقيقي للدستور لا يمكن أن لا يؤشر عليه المجلس الوزاري ؛ رغم أن الدستور التوافقي واضح حاسم جلي فيما يتعلق بأحقية البرلمان في تقديم مقترحات للقوانين التنظيمية حسب المادة 85 من الدستور .

أخشى أن يتراءى للمتتبع أو القارئ أن هذا السرد الممل عبارة عن محضر اجتراري لعمل روتيني لعلاقة الحكومة بالبرلمان ؛ ولتفاصيل طبيعية لعلاقات فاترة بين مؤسستين في طور بناء ولادتهما الدستورية الجديدة ؛ الأمريكشف هشاشة الأوضاع ويخون شساعة المساحات التأويلية في الدستور التي أصبحت تترامى على المقتضيات الصريحة الواضحة والمنطوقة في الدستور ؛ ويعبر عن ضآلة الثقة بين الأطراف التي تتشارك تدبير شؤون الدولة والتي لا يمكنها أن تُفعل إرادة الإصلاح الذي ينتظره المغاربة ؛ المؤسف أن أبسط خبر في يومية أو موقع عن شائعة أو حادثة سير أو خبر أصفر أو صراع ثنائي ؛ أو فضيحة أخلاقية أو ماتطلق عليه المواقع فيديوهات فاضحة ؛ كل هذا كان يمكن أن يستوقف الجمهور ويستحث رأيا جماعيا واستطراداً في التعبير والتحليل والتفاعل الشعبي ؛ وقد يتولد عنه تأسيس جبهة وطنية أو لجنة دعم أو تنديد أو شجب أو حركة تنادي بالصمود أو أخرى تؤمن بالتمرد ؛ وددت لو عبر أحدهم من أبطال فقه النوازل وخرجات زج النساء في البيوت ؛ والمدافعين عن الحريات والحقوق والمساواة ؛ والمغرمين بتغطية صفحات "فيمن " عن رأي في هذه الجرعة التحكمية ؛المركزة وفي هذا التطاول على حق الشعب المغربي في دستوره وفي مؤسسات حقيقية ذات سلط وصلاحيات واستقلالية .

لم نتوفق على مايبدو في إخراج العاصفة من قمقم مجلس النواب ؛لم ننجح في تأمين مسلكها اإلى الفضاء العمومي ؛ لماذا ياترى ؟ أعتقد أن الفاعل السياسي والمثقف والإعلامي لم ينجح بعد في تبسيط التوليفة بين المقتضيات الدستورية وحاجيات المغاربة من الغذاء والصحة والتعليم والشغل وثمن الزيت والسكر والدقيق ؛ لم يكسر الحاجز بين الحاجيات القانونية والحاجيات الاجتماعية ؛ لم يشرح علاقة احترام التعاقدات بضمان حقوق المواطنة ؛ ببساطة لم يقنع المواطن المغربي بوقع احترام القوانين على أوضاعه الاجتماعية وآفاق ارتقائه ؛ لم يتوفق في إخراج النقاش الدستوري من ساحة التداول الفوقي النخبوي العالِم إلى أسواق الحاجيات اليومية ؛ لم يفلح في أن يربط إصلاح الدولة بإصلاح الأحوال الإجتماعية للمغاربة ؛ وهنا مربط الإشكالية ؛ كيف يفهم الشعب أن الدستور يطرح تصورات توافقية لإ صلاح حاله ولتأمين كرامته ولقمته وسقفه ولحماية حياته وأمنه وأمانه ؛ وأن هذا الميثاق الغليظ يفترض أن يدخل في ثوابت ومقدسات هذا الوطن .

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير