ينبغي علينا، إذا أردنا أن نمنح للزيارات الملكية الأخيرة لمنطقة الرحامنة كل دلالاتها الموضوعية، أن نتجرد من قبعاتنا الإيديولوجية الضيقة، لأن كل قراءة إذا ما لم تستطع أن تنسلخ عن رؤيتها الإيديولوجية الضيقة ستبقى قراءة محكوما عليها بالفشل لسبب بسيط ألا وهو غياب شرط الموضوعية الذي ينبغي أن يتوفر في كل دارس.
لقد كثر اللغط هذه الأيام حول الزيارات الملكية الأخيرة لمنطقة الرحامنة واختلفت الرؤى والقراءات والاستنتاجات والدلالات والتأويلات،ليس على مستوى منطقة الرحامنة وفقط وإنما على المستوى الوطني، الأمر الذي ولد سيلانا من الإجابات التي حاولت أن تضفي مغزى ودلالة على هذه الزيارات الملكية المتتالية لمنطقة كانت تشتهر إلى وقت قريب بلسعات العقارب أكثر من اشتهارها بأي شيء آخر. والملاحظ من خلال تتبعنا لهذه القراءات أنها كانت في غالبيتها محكومة بنظرة ضيقة عن طريق ربطها بعمق الصداقة التي تجمع ما بين الملك ومستشاره الرحماني فؤاد عالي الهمة، أو محاولة اعتبارها من طرف بعض الفرقاء السياسيين كمحاولة لحرث أرض الرحامنة من طرف حزب الجرار، وهناك من تساءل حول لماذا هذا الاهتمام بمنطقة الرحامنة وليس منطقة أخرى؟...
لا يمكن بتاتا فهم الزيارات المتعددة التي قام بها ملك البلاد إلى منطقة الرحامنة إلا من خلال ربطها بالسياقات التاريخية التي عرفتها بلادنا خلال السنوات الأخيرة والتي تميزت بتقلد مناصب الحكم من طرف ملك شاب حداثي وطموح وما رافق هذه المرحلة من مشاريع كبرى بدءا من مشروع المصالحة مع الذات من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة ومرورا بمشروع الجهوية المتقدمة وصولا إلى الدستور الجديد الذي عرفته المملكة.
إذا وفقط إذا انطقنا من هذه المتغيرات سوف يتضح لنا بالملموس أن الزيارات الملكية الأخيرة لمنطقة الرحامنة لا تخرج عن هذه السياقات فجدير بالذكر أن هذه المنطقة كانت من بين المناطق الأكثر تضررا على مر التاريخ والاهتمام بها هو نوع من المصالحة مع الذات وإعادة الاعتبار لساكنتها.
إن إشراف صاحب الجلالة على انطلاق مجموعة من المشاريع يدخل في إطار تأهيل المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وذلك بغية تهييئ الأرضية الملائمة للتموقع ضمن خارطة الجهوية المتقدمة التي رسم خطوطها العريضة صاحب الجلالة من خلال خطاب 20 غشت 2010 ...
كل هذه المكتسبات التي تحققت من خلال الزيارات الملكية المتتالية لمنطقة الرحامنة بات من الضروري أن نقدم الشكر لكل من ساهم في تحقيقها من قريب أو بعيد من فاعلين سياسيين ومدنيين واعلاميين وتربويين وساكنة وسلطة محلية وعلى رأسهم السيد عامل صاحب الجلالة فريد شوراق الذي جسد بالفعل مفهوم السلطة الجديدة بالإقليم، ومن ناحية أخرى بات من الضروري أن نترك خلافاتنا الإيديولوجية جانبا ونعمل من أجل تحصين هذه المكتسبات وذلك عن طريق التحضير لبروز نخب جهوية ومحلية رفيعة الكفاءات ومخلصة للمصلحة العامة ومؤهلة للحكامة الجيدة وتقديم الحساب كما جاء في تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية.
"جمـال مكمـاني" عضو جمـاعي بجمـاعة اولاد إملـول