كثير هو الهرج و المرج الذي أحدثه زلزال تسونامي، لدى من أسميتهم شخصيا بمؤدلجي الدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم، و عندنا هنا في المغرب، و في حزب سياسي قام في الأصل و في الفصل على ادلجة الدين الإسلامي التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي الذين يسميهم البعض بالإسلاميين، أي المنسوبين إلى الإسلام الذين لا علاقة لهم بالإسلام، و الذين يصدق عليهم قوله تعالى "قالت الأعراب آمنا قل لم تومنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم" و يسميهم البعض الآخر بالمتأسلمين الذين يدعون انهم مسلمون لحاجة في نفس يعقوب، و نسميهم نحن بمؤدلجي الدين الإسلامي لفقدانهم إيديولوجية يعتمدونها في مواجهة الإيديولوجية البورجوازية و إيديولوجية الطبقة العاملة في نفس الوقت مع إعطاء الأولوية لمواجهة إيديولوجية الطبقة العاملة، ثم الإيديولوجية التي تدعمهم في عملية مواجهة الطبقة العاملة، و العمل على إقصاء إيديولوجيتها، و إيهام الناس بأن حل المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية ترجع إلى استعادة حكم "الدولة الإسلامية" الضائع، و تطبيق "الشريعة الإسلامية". و ليس في تحقيق الحرية باعتبارها أملا إنسانيا ساميا تسعى كل الشرائع السماوية إلى تحقيقها بنسبة أو بأخرى من خلال إخلاص العبادة لله وحده دون سواه، و من خلال القيم الإنسانية النبيلة التي جاء بها القرءان الكريم، و غيره من الكتب السماوية التي لم يلحقها تحريف إيديولوجي، و سياسي. كما انه ليس في تحقيق الديمقراطية التي تساعد على اجرأة تلك الحرية و تمكين الإنسان من الاختيار الحر و النزيه في اختياره الدستوري، و اختيار المؤسسات التي تمثله و إفراز الحكومة التي تشرف على تسيير شؤونه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية حتى يطمئن على مصيره في جميع مجالات الحياة، و انه ليس في تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعتبر وسيلة لتحقيق التوزيع العادل للثروة على جميع أفراد المجتمع حتى يتأتى للجميع العمل على التمتع بالخيرات المادية و المعنوية على أساس المساواة فيما بينهم، بدعوى أن الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية التي ليست إلا دعوات "للكفار و الملحدين و الصهاينة" و غير ذلك من الأوصاف التي يختارونها بدقة لجعل الناس يعتقدون أن من حقهم التمتع بالحرية و بالديمقراطية و بالعدالة الاجتماعية.
لكن هؤلاء المؤدلجين سرعان ما يطرحون أن من حقهم التمتع بالحرية إذا ما تمت محاصرتهم من الاستبداد القائم، حتى تتاح لهم فرصة ممارسة تضليل الشعب دون وازع ضمير، و اختصار الممارسة الدينية في تكريس الممارسة السياسية باسم الدين، و سرعان ما يطرحون الممارسة الديمقراطية عندما تصير وسيلة للوصول إلى المؤسسات المقررة في مصير الشعب من اجل جعلها مشرعنة الاستبداد البديل. و سرعان ما يحرصون على تحقيق العدالة عندما يتعلق الأمر بالحصول على تمويل الأحزاب، و تمويل الجرائد، و تمويل الحملات الانتخابية من أموال الشعب.
و لتناول موضوع " لا عدالة ولا تنمية في مفهوم العدالة و التنمية" سنتناول مفهوم العدالة و مفهوم التنمية، و خطاب العدالة خطاب التضليل و خطاب التنمية خطاب التخلق. و هل من العدالة استغلال الدين في الأمور الإيديولوجية و السياسية ؟ و هل من التنمية إنتاج خطاب التخلف ؟ و ماذا لو امسك مؤدلجو الدين الإسلامي في العدالة و التنمية عن ادلجتهم للدين الإسلامي ؟ و هل يمسك مؤدلجو الدين الإسلامي في العدالة و التنمية عن إنتاج خطاب التخلف ؟ و هل من العدالة و من التنمية اعتبار مغربنا العزيز ماخورا ؟ ألا يمكن اعتبار تفاقم المشاكل الأسرية التي تكتب عنها الجرائد يوميا هو نتاج خطاب تخلف العدالة و التنمية ؟ ألم يحن الوقت للإمساك عن ادلجة الدين الإسلامي و توظيفه في الأمور السياسية ؟ ألم يحن الوقت لممارسة السياسة، و في واضحة النهار بعيدا عن الدين ؟ ألم يتعرف هؤلاء على قول الله "و تلك الأيام نداولها بين الناس"؟ وصولا إلى امتلاك تصور أن مصطلح "العدالة" وظف قصدا في الأمور السياسية لمحاربة تحقيق العدالة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و أن مصطلح التنمية وظف لمحاربة التنمية بأشكالها المختلفة و باسم الدين من اجل المحافظة على التخلف الذي يتحرك فيه رهط "العدالة و التنمية" الذي لا ينشط مثل الفيروسات المضرة إلا في المستنقعات. و مستنقع التخلف هو اكبر مستنقع لتكريس تضليل "العدالة و التنمية" لتحقيق شعار لا عدالة و لا تنمية بدون مزدوجتين، حتى لا يجف الماء العكر من مستنقع التخلف الذي لا يستهدف بفيروساته إلا الأفكار التقدمية و المتنورة المعتمدة في النضال من اجل تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية باعتبارها شرطا لتحقيق العدالة و التنمية فعلا على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية لنقل المجتمع المغربي بمختلف فئاته الاجتماعية من مستوى التخلف إلى مستوى التقدم الذي تنشده البشرية في كل مكان.
مفهوم العدالة :
و إن من القيم النبيلة التي يسعى الناس جميعا في الشرق و في الغرب، في الشمال و في الجنوب إلى تحقيقها على ارض الواقع، و انطلاقا من مقاييس محددة تتناسب مع الاختلاف في طبيعة التشكيلة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و مع الاختلاف في الزمان و المكان، هي قيمة العدالة بمضمونها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي ، فماذا نعني بالعدالة ؟
إن العدالة مصدر عدل يعدل بين شيئين، إذا وازن بينها، و عدل يعدل بين شخصين إذا مكنهما من التمتع بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. فخلق التوازن بين الأشياء و بين الناس يضمن سلامة الأشياء، و سلامة البشر من الوقوع ضحية للكوارث التي تصيب الأشياء كما تصيب البشر بسبب فقدان التوازن.
و على المستوى الاصطلاحي، فالعدالة تعني تحقيق المساواة بين الناس في الحقوق و في الواجبات و على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و تمكينهم من الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية حتى يشعروا بإنسانيتهم التي سلبت منهم في مختلف المراحل التاريخية السابقة.
و هذا المفهوم يختلف من دين إلى دين آخر، و من تشكيلة اجتماعية إلى تشكيلة اجتماعية أخرى، و من زمن إلى زمن آخر، و من مكان إلى مكان آخر.
فالعدالة عند اليهود ليست هي العدالة عن المسيحيين، و ليست هي العدالة عند المسلمين. و الإنسان بطبيعة الحال لا يسعى إلى اكثر من تمتيعه بحقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية في أي تشكيلة اقتصادية اجتماعية، سواء كانت إقطاعية أو رأسمالية أو اشتراكية، غير أن التشكيلات الإقطاعية و الرأسمالية لا تقوم على تقرير العدالة بقدر ما تقوم على حرمان الكادحين بالخصوص من جميع الحقوق إن لم نقل معظمها في احسن الأحوال. فطبيعة التشكيلتين المذكورتين تقوم على أساس الاستغلال البشع للكادحين في المجتمع. و الاستغلال يتناقض مع العدالة بمفهومها اليهودي أو المسيحي أو في الدين الإسلامي. و لذلك لا مجال للحديث عن شيء اسمه العدالة في هاتين التشكيلتين. و التشكيلة الوحيدة التي يمكن أن تحضر فيها العدالة هي التشكيلة الاشتراكية إذا تحررت من الجمود العقائدي. و لذلك، فالعدالة في الاشتراكية تعادل التمتع بالحقوق الإنسانية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، كما تعادل تحقق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية في واقع المجتمع الاشتراكي. و لذلك يمكن القول أن العدالة بمفهومها الاشتراكي تتمثل في إلغاء جميع الفوارق الطبقية و العرقية و اللغوية و القومية و الثقافية و السياسية بين جميع الناس على اختلاف جنسهم أو لونهم أو عرقهم أو لغتهم أو ثقافتهم حتى يصيروا جميعا متساوين في الحقوق و الواجبات.
و هذا المفهوم لا يمكن أن يستوعبه مؤدلجو الدين الإسلامي، و لا يمكن أن يتعاطوا معه إيجابا بقدر ما يسعون إلى نفيه، لأنهم يعتبرون العدالة في وصولهم إلى الحكم، أو إلى مراكز القرار لفرض تطبيق "الشريعة الإسلامية" بقوة الحديد و النار. و لكن ما هي الشريعة الإسلامية التي يحققونها ؟ هل هي تلك التي طبقها الرسول ؟ هل هي التي طبقها أبو بكر ؟ هل هي شريعة عمر أو عثمان ؟ هل هي شريعة علي بن أبي طالب ؟ هل هي شريعة كل خليفة من خلفاء بني أمية ؟ هل هي شريعة كل خليفة من خلفاء بني العباس ؟ هل هي شريعة الأمويين في الأندلس أو الادارسة في المغرب ؟ هل هي شريعة شيعة إيران ؟ هل هي شريعة الوهابيين في الجزيرة العربية ؟ هل هي شريعة الإخوان المسلمين ؟ هل هي شريعة الخوارج في مختلف العصور ؟ هل هي شريعة العثمانيين أو الأتراك حاليا ؟ هل هي شريعة حزب الله في لبنان ؟ أو حماس في فلسطين ؟ أو شريعة بن لادن و الظواهري في أفغانستان ؟ هل هي شريعة الطالبان ؟... إننا لا ندري ما هي "الشريعة الإسلامية" التي تحقق العدالة ؟ و ما مضمون هذه العدالة في نظر مؤدلجي الدين ؟ هل هو مضمون اقتصادي ؟ هل هو مضمون اجتماعي ؟ هل هو مضمون ثقافي ؟ هل هو مضمون سياسي ؟ و هل يمكن أن يتخلى مؤدلجو الدين الإسلامي الذين نسميهم ب"الحزبوسلامي" أي الحزب المنسوب إلى الإسلام عن فرض الاستبداد أو السعي إلى فرض الاستبداد ؟
إن مفهوم العدالة الذي يذهب إليه مؤدلجو الدين الإسلامي، و منهم حزب "العدالة و التنمية" المغربي لا يمكن أن يعني إلا الاستبداد بالمجتمع على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و العمل على تجييش الناس جميعا وراء الحزبوسلامي المستبد لخدمة مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي الطبقية الإقطاعية البورجوازية. و ما سوى هذا المفهوم فهو دخيل على الدين الإسلامي و على المسلمين في جميع أنحاء العالم، و من يعمل به من المسلمين فهو كافر و ملحد، و ما يقام من مؤسسات على أسس مخالفة لما يراه مؤدلجو الدين الإسلامي "شريعة إسلامية" يعتبر من مؤسسات الكافرين، و هو مخالف لما تقتضيه "العدالة" حسب مفهومهم، و يجب التخلص منه و استئصاله من الواقع بكل تلويناته و أشكاله حتى لا يبقى إلا ما يراه مؤدلجو الدين الإسلامي "شريعة إسلامية".
و عندما يتعلق الأمر بالدول، و بالأحزاب السياسية الأخرى، فإن كل دولة ترى في برنامجها الذي تطبقه حكومتها هو العدالة، و كل حزب يرى في برنامجه هو العدالة، و تنسى الدول أنها إنما هي أدوات للسيطرة الطبقية، كما تنسى الأحزاب أنها مجرد تنظيمات سياسية تمثل طبقات اجتماعية معينة تسعى إلى الوصول إلى الحكم. و أن الحزب الوحيد الذي يمكن أن نعتمد برنامجه الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي هو حزب الطبقة العاملة، لأن من مصلحة هذه الطبقة و عبر حزبها السياسي أن يسعى هذا الحزب إلى تحقيق العدالة في حالة وصوله إلى الحكم، لأنه سيعمل على تحقيق النظام الاشتراكي في بلد معين باعتباره هو النظام الاصلح لتحقيق المساواة بين الناس و على جميع المستويات، و انطلاقا من هذا الاستنتاج يمكن القول بأنه لا عدالة في خطاب " العدالة و التنمية".
مفهوم التنمية :
و كما قلنا في مناقشتنا لمفهوم العدالة، فإن استعمال مفهوم التنمية أيضا يقصد منه تضليل الكادحين الذين يفتقرون إلى التنمية حتى يعتقدوا أن ما يسعى إليه مؤدلجو الدين الإسلامي هو عين التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. و الواقع أن ما يسعى إليه الحزبوسلامي المؤدلج للدين الإسلامي ليس إلا تراجعا إلى الوراء، ذلك التراجع القاضي بتحقيق استعادة "دولة الإسلام" كما عرفها تاريخ المسلمين و كما سعى إليها مؤدلجو الدين الإسلامي في مختلف العصور من اجل تطبيق "الشريعة الإسلامية". و لذلك فالتنمية بالنسبة إلى الحزبوسلامي الذي لا يعرف الطريق لا إلى العدالة، و لا إلى التنمية ليست إلا شطب كل أشكال التنمية القائمة في الواقع و القاضية بتحديث الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي حتى لا يتناسب مع ما هو سائد في كل القارات الخمس، و حتى لا يتناسب مع العصر الذي نعيشه.
فما المراد بالتنمية ؟ و ما مفهوم الحزبوسلامي للتنمية ؟ و ما مفهوم الأحزاب السياسية و الدول القائمة للتنمية ؟
إننا بارتباطنا بهذا المفهوم نجد أنه مأخوذ من نمى المزيد بالتضعيف من الفعل المجرد نما ينمو نموا بمعنى زاد. و نمى تنمية بمعنى جعله يزيد، لتكون بذلك التنمية مصدرا لفعل من أفعال الجعل، الذي يقضي بحصول زيادة في شيء معين. و هذا الشيء هو الفعل الخارجي المتمثل في قيام جهة خارجية بجعل شيء معين ينمو وفق شروط معينة و انطلاقا من خطة معينة مرسومة حتى تستطيع تلك الجهة تحقيق الأهداف المتوخاة من وراء جعل ذلك الشيء ينمو نموا معينا.
و انطلاقا من هذا التصور اللغوي، فإننا نعتبر أن التنمية هي ممارسة اقتصادية اجتماعية ثقافية من منظور سياسي معين لجعل حياة شعب من الشعوب تنتقل من واقع متدن إلى واقع أرقى.
فتحويل الاقتصاد الإقطاعي إلى اقتصاد رأسمالي متطور، و ممكنن يعتبر تنمية اقتصادية. و كذلك تحول الإنتاج الرأسمالي إلى إنتاج اشتراكي أيضا يعتبر تنمية اقتصادية قائمة على أساس توزيع الثروة بين جميع أفراد المجتمع بسبب الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.
و العمل على جعل جميع الناس يتمتعون بجميع الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية في ظل دولة الحق و القانون أو في ظل الدولة الاشتراكية يعتبر تنمية اجتماعية.
و العمل على التنشيط الثقافي، و دعم جميع الوسائل الثقافية و إشاعتها في المجتمع على أساس أن جميع المكونات الثقافية متكافئة فيما بينها حتى تساهم جميعا في بلورة قيم ثقافية متطورة و مساهمة في تطور شعب من الشعوب من خلال تطوير مسلكيات الأفراد و الجماعات يعتبر تنمية.
و الحرص على المساواة بين الجنسين، و أمام القانون في الحياة المدنية يعتبر تنمية.
و السعي إلى إيجاد دستور ديمقراطي من الشعب و إلى الشعب، و إجراء انتخابات حرة و نزيهة لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية تعتبر أيضا تنمية.
لأنه بهذه الأشكال التنموية، و في هذه المستويات المختلفة يمكن للشعب – أي شعب – أن ينتقل من وضعية متخلفة إلى وضعية متطورة، و تزداد تطورا بفعل الاستمرار في التنمية المستدامة.
فهل يحضر هذا المفهوم للتنمية في ممارسة الحزبوسلامي المدعو "العدالة و التنمية" ؟
إن الحزبوسلاميين المتنبئين الجدد المؤدلجين للدين الإسلامي يعتبرون كل أشكال التنمية المشار إليها في صياغتنا لمفهوم التنمية الذي نقتنع به أشكالا من الكفر و من الردة عن الدين الإسلامي حسب تأويلاتهم الإيديولوجية لهذا الدين، فلا شيء اسمه التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو المدنية أو السياسية إلا في ظل "الدولة الإسلامية". و حسب مفهوم الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) لمفهوم التنمية، و عن طريق تطبيق "الشريعة الإسلامية". لذلك فكل من يقتنع بهذه الأشكال من التنمية ليس إلا كافرا و ملحدا بسبب علمانيته، و ديمقراطيته. لأن العلمانية و الديمقراطية من علامات الكفار و الملحدين، و لذلك نجد أن هؤلاء ينخرطون في الحزبية بعدما ادلجو الدين الإسلامي و حولوه إلى مجرد إيديولوجية للحزبوسلامي (العدالة و التنمية)، و يصير مفهومهم للتنمية هو مجرد مفهوم حزبي ينضاف إلى بقية المفاهيم الحزبية التي يحمل كل منها مفهوم الطبقة الاجتماعية التي تعبر إيديولوجيته عن مصالحها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، لكنه يعتبر مفهومه المستند إلى الدين الإسلامي هو الأصلح، و أن جميع الأحزاب ليست على حق في مفاهيمها للتنمية، و كذلك الشأن بالنسبة للدول التي ليست إلا أدوات للسيطرة الطبقية للطبقات الاجتماعية التي تصل إلى امتلاك السلطة. فمفاهيم مختلف الدول ليست إلا مفاهيم الطبقات السائدة و الحاكمة في نفس الوقت، و حسب الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) فالدولة الوحيدة التي تملك مفهوما صحيحا للتنمية هي "الدولة الإسلامية" التي تعمل على تطبيق "الشريعة الإسلامية".
و الواقع أن الحزب الوحيد الذي يحمل مفهوما علميا للتنمية هو حزب الطبقة العاملة، و أن الدولة الوحيدة التي تعمل على إيجاد تنمية حقيقية هي الدولة الاشتراكية، لأنها لا تقتصر على الاقتصاد وحده، و إنما تشمل كذلك الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.
و بذلك نصل إلى أن التصور الذي يحمله الحزبوسلامي للتنمية هو تصور غير علمي، و غير مقبول، و غير مطور للواقع، و غير مساعد على تطور المجتمع على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية بقدر ما يدخل المجتمع المغربي بالخصوص في متاهات التخلف الناتجة عن الانشغال بالغيب بدل الارتباط بالواقع، و التفكير في اليوم الآخر بدل الاشتغال على تطوير الحياة التي يعيشها و على جميع المستويات، مما يجعلنا نجزم بأنه لا تنمية في عرف و ممارسة الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) مما يجعله حزبا مشرعنا للتخلف، و مشتغلا على تصريف أهوال القبور، و حوار مع الجن و أشياء أخرى لا علاقة لها بالواقع، و لا يمكن أن تساهم في تطوره.
خطاب العدالة و خطاب التضليل :
و إن اعتماد خطاب ادلجة الدين الإسلامي الذي يعتمده الحزبوسلامي منذ مقتل عثمان بن عفان و إلى يومنا هذا و خاصة ما يقوم به الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) على انه هو خطاب العدالة يعتبر اكبر كذبة في تاريخ البشرية لأن ادلجة الدين ليست هي الدين. فالدين يهدف إلى إخلاص العبادة لله، و ادلجة الدين تهدف إلى الوصول إلى السلطة باسم الدين، و ما دام زمن الرسالات قد انتهى بموت الرسول محمد بن عبد الله، و بالضبط بنزول قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا" فلا يعقل أبدا أن يوجد بعد ذلك من يقوم بتلقي الرسالة من الله كنبي و كرسول، حتى و إن كان هو "الحزبوسلامي" و في أي عصر و في أي مكان وجد هذا الحزب حتى و إن كان هو (العدالة و التنمية) في مغربنا الحبيب. و كل ما هنالك أن الحزبوسلاميين المؤدلجين للدين الإسلامي يلجأون إلى تأويل النص الديني بما يخدم أهواءهم و مصالحهم الطبقية فيلجأون في نفس الوقت إلى تقديس ذلك التأويل، و يجعلون الناس يقدسونه، فيتوهمون أن تأويلاتهم بمثابة الوحي الذي ينزل من السماء، فيقدسونها على أنها النصوص الدينية، و يعتبرون المؤول أو الزعيم السياسي بمثابة الرسول الذي ينزل عليه الوحي فيتجيشون وراءه متلقفين تأويلاته، و متربصين ببصاقه، و مخلفاته التي تمجها النفس فيتبركون بها، و يعملون على جعل الناس يحجون إليها حتى تنتشر بركات الزعيم الديني الذي يتلقى الوحي بطريقة غير مباشرة من الله الذي يهدي من يشاء و يعز من يشاء و يذل من يشاء، و لا راد لارادته. و مؤدلجو الدين الإسلامي عند يقومون بذلك في إطار الحزبوسلامي الذي يتنمون إليه. إنما يقومون بجريرة عظيمة، و بكبيرة لا تقبل الغفران أبدا. و تلك الجريرة و الكبيرة ليست إلا عبادة الزعيم إلى جانب عبادة الله، و تقديس التأويل الإيديولوجي للنص الديني إلى جانب تقديس النص الديني. و عمل كهذا لا يمكن اعتباره إلا شركا بالله، و الشرك بالله هو الذي جاء الدين الإسلامي لمحاربته فقد ورد في القرءان انتقاد لما كان يمارسه المشركون و على لسانهم " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" و هذا الشرك عظيم لا يمكن القبول به أبدا. فقد ورد في القرءان أيضا "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" و جاء فيه أيضا "إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ".
و نحن في تعاملنا مع الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) فإما أننا نتعامل مع تنظيم لرجال الدين، يقومون بمهمة حفظ الدين من التحريف، و رعاية شؤون المسلمين الدينية، و في هذه الحالة على الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) أن يغادر المجال السياسي، و أن يتفرغ أعضاؤه للوعظ و الإرشاد، و حتى في مثل هذه الحالة، فنحن نعرف انه لا وجود لشيء اسمه الرهبانية في الإسلام. و نعرف أيضا أن انتشار التعليم بين المسلمين يجعلهم في غير حاجة إلى من يعمل على حفظ دينهم. لأن حفظ الدين يصير مهمة جميع المسلمين، بل إن الله تعالى لم يوكل ذلك لأحد بقدر ما اختصه لنفسه "انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون". و إما أننا نتعامل مع تنظيم سياسي لا علاقة له باستغلال الدين الإسلامي. و بالتالي، فإن تسمية الحزب بالعدالة و التنمية قد يكون ذا مضمون إيديولوجي و سياسي لا علاقة له بالدين الإسلامي غير أن الحزبوسلامي، و من خلال إعلامه، و ممارسة المنتمين إليه ، يصر على ادلجة الدين الإسلامي في حركاته و سكناته، و يعمل على جعل الناس يعتقدون أن تلك الادلجة هي الدين عينه، الأمر الذي يستوقفنا عنده لنتساءل: ما هو الفرق بين هؤلاء، و بين من ورد في القرءان على لسانهم "إن الله ثالث ثلاثة" و هؤلاء الثلاثة بالنسبة للحزبوسلامي (العدالة و التنمية) هم الذين يمكن تصنيفهم في (الله-الحزب-الزعيم الديني/السياسي) فكأن الله ينتمي إلى طبقة اجتماعية معينة، و كأن الله في حاجة إلى حزب سياسي يقود نضالات تلك الطبقة، و كأن الله في حاجة إلى برنامج سياسي و اقتصادي و اجتماعي و ثقافي يعتمده لحشد الجماهير حوله في الانتخابات من اجل الوصول إلى البرلمان أو إلى المجالس الجماعية لأجرأة البرنامج الحزبي. إن الله ليس في حاجة إلى كل ذلك "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" و هو منزه عن أن يوصف بالظلم أو القهر، منزه عن التحيز لبشر، أو عن الانحياز لحزب من الأحزاب كما يدعي ذلك الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) لأن من أسمائه تعالى العادل، و العادل لا يظلم و الحزبوسلامي (العدالة و التنمية ) يظلم عندما يصف المسلمين الحقيقيين الذين اختاروا ممارسة السياسة في واضحة النهار. و لأنه يستعدي المنتمين إليه على المسلمين الحقيقيين، و لأنه يضع نفسه في مكان المقدس. و هو لذلك يصير شريكا لله في العبادة. و يعتبر أن سفك الدماء و قطع الرؤوس هو عين "الشريعة الاسلامية" التي يسعى الى تطبيقها عندما يصل إلى السلطة، ليزداد بذلك ظلما للناس بإلغائه للتاريخ، و للتطور، و لما وصلت إليه البشرية من تقدم اقتصادي و اجتماعي و ثقافي و مدني وسياسي. لأن البشرية تتحرك باستمرار، و لأن المسلمين لا يمكن أن يبقوا بعيدين عن هذه الحركة خاصة في عصر صار يوصف بأنه عصر العولمة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و الحزبوسلامي إذا أراد مواجهة العولمة لا يمكن أن يكون إلا إرهابيا، و إذا أراد أن يحول دون انخراط المسلمين في تلك العولمة سيكون اكثر إرهابا، لأنه حينها سيعمل على قطع رؤوس المسلمين الذين يتحدون سياسته، و يسعون إلى الانخراط فيما جرى في هذا العالم، خاصة إذا سعوا إلى الانخراط في النضالات المطلبية العالمية ضد الرأسمالية الهمجية.
و انطلاقا مما ذهبنا إليه في حق الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) فإننا نرى أن الخطاب الذي يعمل هذا الحزب على ترويجه باعتباره خطابا "إسلاميا" ليس إلا تضليلا للمسلمين على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و التضليل يتجسد بالخصوص في اعتبار ادلجة الدين الإسلامي هي الإسلام عينه، و في اعتبار كل من لم يقتنع بتلك الادلجة كافرا. و في جعل الناس ينشغلون بالادلجة الدينية عن الدين الإسلامي نفسه، و عن الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي للمسلمين، ليبقى لمؤدلجي الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) حق الكلام باسم الدين، و حق تأويل النص الديني، و حق إصدار الفتاوى بقطع رؤوس المخالفين، أو تكفيرهم على الأقل، ليزدادوا بذلك تضليلا للمسلمين.
و لذلك نرى من الضروري قيام الحركة الجماهيرية و الحركة السياسية المستهدفة بتضليل الحزبوسلامي، (العدالة و التنمية) بمواجهة هذا التضليل على جميع المستويات الإيديولوجية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، و بالعمل على سلامة الدين الإسلامي من الادلجة و بجعل المسلمين يعون جيدا أن السياسة شأن أرضي لا علاقة له بالسماء، و أن إطلاقية السياسة ترفعها إلى المقدس، و أن نسبيتها تجعلها فاقدة للقدسية حتى تزول غشاوة التضليل عن أعين الناس، و حتى يزول المضللون من الساحة السياسية. لتبقى السياسة الحقيقية هي سياسة الحقيقة، و الحقيقة لا توجد إلا على الأرض، و الإنسان يعيش على الأرض، و ممارسته للسياسة يجب أن تنطلق من الأرض لا من السماء. و بعد ذلك، فليذهب الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) إلى مزبلة التاريخ التي تحتضن كل المخلفات التي لم تعد صالحة للاستعمال، و من المخلفات التي لا تتناسب مع العصر، و تعمل على عرقلة تطور المجتمعات البشرية في الاتجاه الصحيح الحزبوسلامي (العدالة و التنمية).
فهل تقوم الحركة الجماهيرية و السياسية بدورها التاريخي، و في هذه المرحلة العصبية من التاريخ المعاصر، من اجل التسريع بإيصال الحزبوسلامي إلى مزبلة التاريخ، حتى يطمئن المسلمون على تاريخهم المعاصر، و حتى تطمئن البشرية على مستقبلها في مواجهة المخططات الإمبريالية و الرجعية في ظل عولمة اقتصاد السوق؟
خطاب التنمية خطاب التخلف :
أما اعتماد خطاب الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) على انه تنمية، فلا ندري أية تنمية يقصد ؟ هل هي التنمية العبودية ؟ هل هي التنمية الإقطاعية ؟ هل هي التنمية الرأسمالية ؟ أم أنها، و دون أن ندري، تنمية "اشتراكية" ؟ و ما مضمون هذه التنمية ؟ هل هو اقتصادي ؟ هل هو اجتماعي ؟ هل هو ثقافي ؟ هل هو مدني؟ هل هو سياسي ؟
إننا عندما نرتبط بخطاب التنمية عند الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) علينا أن نحدد أولا ماذا يقصد بالتنمية ؟ فحسب مرجعية هذا الحزب التي هي الدين الإسلامي المؤدلج، و ليس الدين الإسلامي الحقيقي، فإن التنمية بالنسبة إليه تأخذ مسارا آخر يقولون عنه انه لا شرقي، و لا غربي، لا رأسمالي، ولا اشتراكي، انه كما يسمونه "إسلامي" فكأن الإسلام لما ظهر كان هناك نظام رأسمالي، و في مقابله نظام اشتراكي، و كان هناك شرق اشتراكي، و غرب رأسمالي. و الواقع أن الإسلام ساعة ظهوره لم يكن هناك لا نظام رأسمالي، و لا نظام اشتراكي، و الأنظمة الاقتصادية التي كانت سائدة في ذلك الوقت هي أنظمة عبودية أو إقطاعية، أو أنظمة عبودية-إقطاعية، أو لا هي عبودية و لا هي إقطاعية، و الأنظمة العبودية و الإقطاعية أو التي لا هي عبودية و لا هي إقطاعية هي أنظمة متخلفة. و ظهور الإسلام بالنسبة إلى تلك الأنظمة سيعتبر وسيلة من الوسائل المساعدة على تجاوز تلك الأنظمة عن طريق تطويرها، و لو على مستوى القيم النبيلة التي دعا إليها الدين الإسلامي. و إذا كان ما يسعى إليه الحزبوسلامي هو التنمية العبودية أو الإقطاعية، فإن ذلك يعني أن هذا الحزب يعتمد تنمية التخلف. لأن العبودية لم تعد قائمة في الواقع، نظرا للتطور الحاصل في القيم الإنسانية التي صار معها من المستحيل عودة قيم العبودية، و اعتماد التنمية على أساس تلك القيم التي لم تعد مقبولة اللهم إلا إذا كان هذا الحزب يعتبر اتباعه عبيدا له. و بالتالي فهم مجرد عبيد خاضعين له خضوعا مطلقا يفعل بهم ما يشاء و يوجههم حيث يشاء. و ازدياد عددهم بالنسبة إليه يعتبر تنمية. أما إذا كان ما يسعى إليه الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) هو التنمية حسب المفهوم الإقطاعي، فإن الذي نعرفه أن التنمية الإقطاعية تقوم على أساس ملكية الأرض و من عليها باعتبارهم عبيدا مملوكين لصاحب الأرض. و بالتالي فعملهم في الأرض من حق الإقطاعي الذي لا يمدهم منه إلا بالفتات الذي يأكلونه حتى يحافظوا على حياتهم و يستمروا في العمل في الأرض. و انطلاقا من هذا المفهوم الإقطاعي للتنمية فالحزبوسلامي حتى و إن كان ذلك العمل غير مرتبط بالأرض، و مهما كان متدنيا كما يحصل في العديد من المناطق التي يسيطر فيها الحزبوسلامي على السلطة. و لذلك نجد أن الحزبوسلامي يستعيد كل الأشكال، و الأفكار و الممارسات الخرافية الإقطاعية التي عرفت في مختلف العصور الإقطاعية حتى تصير جزءا لا يتجزأ من الممارسات الحزبوسلامية التي يعتبرها الحزبوسلاميون هي عين الدين الإسلامي، أي تصير متطابقة مع الدين الإسلامي تطابقا تاما حسب ما تقتضيه الممارسة الحزبوسلامية. و بناء على هذا الفهم، فالتنمية بالنسبة للحزبوسلامي (العدالة و التنمية) تتجسد في العودة إلى التاريخ الإقطاعي المتخلف، و استعادة أساليب الاستغلال المتخلفة التي كانت سائدة فيه، و اعتماد كل الأفكار الخرافية من اجل العمل على تكريس تضليل الشعب باسم العودة إلى التراث، التي تقتضي العودة إلى الدين، التي تقتضي "الدولة الإسلامية" التي تشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية" ليعتبر الناس أن ما يذهب إليه الحزبوسلامي هو التنمية عينها، لأنه يستعيد الماضي الإقطاعي لاعتماده في إقامة الدولة الإسلامية التي تعمل على تطبيق "الشريعة الإسلامية" التي تضمن بتطبيقها التنمية اللازمة لحياة الحزبوسلاميين، و ليس لحياة جميع الكادحين من المسلمين و غيرهم هو الذي يبرز الأخذ بالتنمية الإقطاعية كخطاب يعمل الحزبوسلاميون على تصريفه على جميع المستويات حتى يستقر في وجدان الاتباع ثم في العقل. لأن الاتباع لا يستخدمون العقل كما حث الإسلام على ذلك، لأن استخدام العقل يتناقض تناقضا مطلقا مع التبعية المطلقة للحزبوسلامي "العدالة و التنمية" فالتبعية المطلقة هي تبعية وجدانية، و التبعية الوجدانية لا تتناسب إلا مع أهواء الحزبوسلاميين التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي. فقد جاء في القرءان " و أن احكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم، و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك " و ما أنزله الله على رسوله محمد بن عبد الله لا يتناقض مع العقل كيفما كانت طبيعة هذا العقل حتى و إن كان إقطاعيا أو بورجوازيا أو عماليا. لأن العقل هو ما وافق المنطق العلمي أما الأهواء فلا توافق إلا أصحابها الذين يستحضرون مصالحهم الطبقية و الحزبوسلاميون (العدالة و التنمية) لا يستحضرون إلا أهواءهم التي تتناسب مع مصالحهم الطبقية. و نظرا للتعارض القائم بين العقل و الأهواء. فقد قال أبو حنيفة "إذا تعارض العقل مع النقل قدم العقل". أما عندما يعتمد الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) المفهوم البورجوازي للتنمية، فمعنى ذلك أن هذا الحزب يريد أن يصبغ ادلجته للدين الإسلامي على الإنتاج البورجوازي، حتى يستقطب إلى صفوفه الطبقة البورجوازية التي تتناقض إيديولوجيتها مع إيديولوجية الحزبوسلامي. و تتناقض مصالحها الطبقية مع المصالح الطبقية الإقطاعية المتخلفة التي يعتمدها الحزبوسلامي المؤدلج للدين الإسلامي، كما تتناقض مع مصالح الفئات البورجوازية الصغرى المؤدلجة للدين الإسلامي، و العاملة على بناء الحزبوسلامي. و مع ذلك فالحزبوسلامي (العدالة و التنمية) هو حزب يحتضن البورجوازية بفئاتها المختلفة مادامت قابلة بأدلجة الدين الإسلامي لتضليل الكادحين و في مقدمتهم الطبقة العاملة، سواء تعلق الأمر بالبورجوازية التي تحكم، أو بالبورجوازية التي تعيش على هامشها و تستفيد من حكمها، أو بالبورجوازية الصغرى و المتوسطة التي تحقق تطلعاتها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية عن طريق ادلجتها للدين الإسلامي.
و البورجوازية المعنية بالاستقطاب الحزبوسلامي هي البورجوازية التابعة التي تتكون منها بورجوازيات الأنظمة التابعة، و من يدور في فلكها. لأن هذه الأشكال من البورجوازية، تكرس التخلف، و تعتمد في ممارستها تضليل الكادحين حتى لا يدركوا ما يمارس عليهم من استغلال اقتصادي و اجتماعي و ثقافي و مدني و سياسي. والتضليل لا يمكن أن يبلغ مداه إلا إذا اعتمدت هذه البورجوازية ادلجة الدين الإسلامي لتلتقي بذلك مع الحزبوسلامي في تلك الادلجة، و بالتالي فإنها تكون قابلة لاستقطاب هذا الحزب لتصير جزءا منه و قائدة له في معظم الأحيان.
أما البورجوازية المتحررة من التبعية فإنها ليس في حاجة إلى تضليل الكادحين، و ليست في حاجة إلى ادلجة الدين الإسلامي، لأنها تكون ديمقراطية انطلاقا من ليبراليتها حتى و إن كانت هذه الليبرالية متوحشة. و لذلك نجد أن مصالح هذه البورجوازية صارت تتناقض جملة و تفصيلا مع مصالح الحزوسلامي على المستوى العالمي. و هذا الاستنتاج هو المدخل الذي يقودنا إلى فهم ما يجري في العالم من صراع بين الدول الرأسمالية الكبرى، و بين التنظيمات و الدول الحزبوسلامية على المستوى العالمي، و للإيغال في التضليل نجد أن تسمية (العدالة و التنمية) تهدف إلى تحقيق أمرين اثنين :
الأمر الأول : هو العمل على استقطاب البورجوازية التابعة إلى استعداء الدول الرأسمالية الكبرى ضد هذا الحزب و ضد البورجوازية التابعة التي تنخرط فيه.
و الأمر الثاني : هو إيهام الدول الرأسمالية الكبرى أن هذا الحزب سيخدم مصالحها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية حتى لا تعترض على وجوده، و حتى لا تدخل في الصراع معه حتى تتمكن من الوصول إلى مراكز القرار لتفاجئ الدول الرأسمالية بوصولها إلى تلك المراكز.
و بتحقيق هذين الأمرين يكون الحزبوسلامي قد مارس الانتهازية في ابشع صورها، و ممارسة هذا الحزب للانتهازية ليست أمرا غريبا. لأن الانتهازية من سمات عناصر البورجوازية الصغرى المؤدلجة للدين الإسلامي، بل إن اكبر ممارسة انتهازية تقوم بها البورجوازية الصغرى هي ادلجتها للدين الإسلامي لتضليل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.
و قد يدعي الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) تبنيه لمفهوم التنمية عند الطبقة العاملة باعتبار تلك التنمية تنمية "إسلامية" فيسعى إلى تحقيق "الحرية" و "الديمقراطية" و "العدالة الاجتماعية" فيكون ذلك من باب سرقة الشعارات التي يظهر أنها مجرد وسيلة إلى تجييش الكادحين وراء الحزبوسلامي (العدالة و التنمية). لأن الكادحين و بحكم عمق معاناتهم في المجتمع الاستغلالي المغربي حيث تمارس الطبقة البورجوازية التابعة، و بمساعدة المؤسسة المخزنية، يتهالكون وراء خطاب التضليل، خطاب التنمية الذي يوهمهم بالخروج من المشاكل التي يعانون منها بالقضاء على الاستغلال المادي و المعنوي الذي يتعرضون له، حتى و إن كان هذا الخطاب يقضي بتطبيق "الشريعة الإسلامية" كبديل "الاشتراكية".
و الواقع أن الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) لا يسعى إلى تحقيق التنمية بأي مفهوم، و كيفما كان هذا المفهوم إلا إذا كان يخدم المصلحة الطبقية للحزبوسلاميين المتجسدة في تجييش الناس وراء الحزبوسلامي، و اعتمادهم للوصول إلى مراكز القرار لفرض الاستبداد بالسلطة التي تمكنه من فرض الاستبداد بالمجتمع. و التمكن من القضاء على "الكفار" و "الملحدين" و "الزنادقة" و "الصهاينة" و "العلمانيين" و غيرهم ممن لم يقبلوا التعامل مع الحزبوسلامي و يرفضون الاستبداد بكل أشكاله و ألوانه، و يسعون فعلا إلى تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية. لأن التنمية الحقيقية بالنسبة للحزبوسلامي هي تنمية الاستبداد، و تنمية الفكر المتخلف الذي يساعد على فرض الاستبداد، و تنمية الفكر المستبد، و تنمية المجيشين المتكلفين بحماية الاستبداد الحزبوسلامي. و إلا فإننا إذا أردنا الوقوف على مفهوم التنمية الحقيقية في برنامج الحزبوسلامي. فإننا نجد انها منعدمة على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، ليصير خطاب التنمية الذي يروج له الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) هو خطاب التخلف حتى و إن كان يدبج حوله مقالات في جريدة "التجديد" و يوهم قراءه المصابين بانفصام الشخصية، و بهوس الانتقام من المخالفين الذين يسميهم ب"الاستئصاليين" عن طريق التكفير و إصدار الفتاوى بالقتل التي يعمل اتباعه على تنفيذها. لأن الاستئصاليين الحقيقيين هم الحزبوسلاميون، و من يتجيش وراءهم لأنهم يعملون على إرهاب و مصادرة الحق في حياة كل من يخالفهم الرأي، و الإيديولوجية، و يرفض التجييش وراءهم و يعمل على خدمة مصالحهم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تحقق تنميتهم هم و ليس الواقع الذي يبقى متخلفا، و لا يعرف أية تنمية مهما كانت هذه التنمية، و حتى يبقى في خدمة التخلف القائم في فكر التضليل الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي، هو الهوية المميزة للمجتمع الذي يستبد به الحزبوسلامي (العدالة و التنمية).
العدالة و استغلال الدين في الأمور الإيديولوجية و السياسية :
و إن أهم ما يهتم به الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) هو استغلال الدين الإسلامي استغلالا بشعا، و في الأمور المنحطة و الدنيئة التي لا تتجاوز أن تكون أمورا إيديولوجية و سياسية زائلة لا علاقة لها بحقيقة الدين الإسلامي الذي هو للناس جميعا لا فرق بين عربي و عجمي و لا بين ابيض و اسود إلا بالتقوى، و ليس بالاستغلال الإيديولوجي و السياسي من اجل الوصول إلى مراكز القرار، أو إلى امتلاك السلطة، و هو ما يجعلنا نطرح السؤال : هل من العدالة استغلال الدين في الأمور الإيديولوجية و السياسية ؟ هل من العدالة استغلال الدين الإسلامي بالخصوص في ذلك ؟
إن الذي نعرفه و يعرفه معنا الحزبوسلاميون المنتمون إلى (العدالة و التنمية) أن الدين هو ما قر في القلب من إيمان يجعل صاحبه يخلص العبادة لله دون سواه، لا يبتغي من وراء ذلك إلا إرضاء الله، مستهينا في سبيل ذلك الإخلاص بكل المصالح الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، هدفه هو التحلي بالقيم الدينية النبيلة التي تجعل المتحلي بها يتجنب القيام بالممارسات الدنيئة و المنحطة التي تتناقض مع تلك القيم. و إذا أضفنا إلى مفهوم الدين كإيمان و كخضوع مطلق لله تعالى، مفهوم الإسلام، فإننا نجد انه من سلم المسلمون من لسانه و يده كما يقول الحديث. و هو ما يستلزم قيام المسلم الحقيقي بتجنب كل ما يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمسلمين، و اكبر أذى يلحق المسلمين هو استغلال الدين الإسلامي في الأمور الإيديولوجية و السياسية، و ما دام هؤلاء يستغلون الدين بصفة خاصة في أمور لا علاقة لها بالدين و لا بالإسلام، فإنهم لا يخلصون العبادة لله، بقدر ما يخلصون في عبادة الحزبوسلامي المؤدلج للدين، و ماداموا يستغلون الدين الإسلامي في الأمور الإيديولوجية و السياسية، فإنهم يلحقون الأذى بالمسلمين في دينهم. و ما داموا يفعلون ذلك، فهم ليسوا بمسلمين من منطلق أن المسلم الحقيقي هو من سلم المسلمون من لسانه و يده كما يقول الحديث. و لذلك فما يقوم به الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) لا يمكن اعتباره من العدالة أبدا، و لا يمكن التعامل معه على انه حق. لأنه يلحق الأذى بالدين و بالإسلام عن طريق تحويلة بالتأويلات المغرضة إلى مجرد تعبير عن المصالح الطبقية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية للحزبوسلاميين.
فلماذا يقبل المسلمون المغاربة بما يقوم به الحزبوسلامي من ادلجة للدين الإسلامي على انه هو الدين الإسلامي ؟
إننا نعرف واقع المغاربة المسلمين على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و نعرف أن هذا الواقع يقتضي النضال الديمقراطي الحقيقي الذي يستقطب حوله جموع الكادحين للنضال من اجل الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و نعرف أن القمع الذي تعرض له الشعب المغربي خلال الستينيات و السبعينيات من القرن العشرين قد أجهض الحركة الديمقراطية و فسح المجال أمام الحزبوسلاميين لإيهام الناس انهم خرجوا عن الدين الإسلامي، و أن حل مشاكلهم المختلفة رهين بالرجوع إلى الدين، و بإقامة "الدولة الإسلامية"، و بتطبيق "الشريعة الإسلامية" و بالجهاد ضد المشركين و الملحدين و العلمانيين و غيرهم ممن يعتبرهم الحزبوسلاميون سببا في المشاكل التي يعاني منها المسلمون في المغرب و غير المغرب. و أن ما يذهب إليه الحزبوسلاميون في (العدالة و التنمية) يلقى إقبالا واسعا في صفوف الكادحين بسبب أمرين اثنين :
الأمر الأول : فقر و أمية الكادحين، و عمق معاناتهم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، فالكادحون المغاربة من عمال و فلاحين صغار و معدمين و عاطلين و تجار صغار و حرفيين فقراء لا يملكون شيئا، و يستهدفون بالاستغلال المادي و المعنوي من قبل الطبقة الحاكمة و سائر الطبقات المستفيدة من الاستغلال، و فقرهم المدقع و انشغالهم بالسعي الدؤوب من اجل الحصول على قوتهم اليومي يجعلهم غير مالكين لوعيهم الطبقي، و قابلين لتلقف الوعي الجاهز و خاصة إذا كان منطلقا من الخطاب الحزبوسلامي المضلل الذي لا يخدم في العمق إلا الطبقات المستفيدة من الاستغلال. و إلا فإن الحزبوسلاميين يحققون تطلعاتهم الطبقية بواسطة تصريف خطاب التضليل "العدالة و التنمية" الذي يتناقض جملة و تفصيلا مع حلم الجماهير الكادحة في تحقيق العدالة و التنمية، حتى لا تلتقي الجماهير الكادحة مع خطاب الحركة التقدمية و الديمقراطية و مع حرص تلك الحركة على تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية الحقيقية و فرض دولة الحق و القانون.
و الكادحون المغاربة من عمال و فلاحين فقراء و معدمين يعانون في معظمهم من الأمية الأبجدية التي تجعلهم يقبلون أي خطاب تضليلي على انه هو المعرفة الحقيقية خاصة إذا كانت تلك المعرفة ذات بعد ديني لكون الكادحين المغاربة اكثر تمسكا بالدين الإسلامي و اكثر حرصا على الدفاع عنه. و هذه الخاصية هي التي يعتمدها الحزبوسلامي عندما يروج ادلجته للدين الإسلامي، و عندما يسعى إلى استغلال حرص الكادحين على دينهم ليحولهم بسبب ذلك إلى حزبوسلاميين، ليقسم المجتمع على أساس عقائدي مسلمين و كفار و مسيحيين و يهود. و بالتالي فعلى المسلمين أن يجاهدوا ضد الكفار و الملحدين و الصليبيين و اليهود و ضد كل علماني كيفما كان من اجل حماية الإسلام بإقامة الدولة الإسلامية. و من الطبيعي جدا أن ينخدع الكادحون الأميون بالخطاب الحزبوسلامي، و أن يعملوا على نمذجة أنفسهم طبقا للتصور الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) تعبيرا عن تمييز الحزبوسلاميين عن غيرهم. و سعيا إلى الإيحاء بأن النمذجة الحزبوسلامية هي التي تمكن المجتمع من التميز عن مجتمع الكفار و الملحدين و العلمانيين، ممن يجب الجهاد فيهم و "تطهير" المجتمع منهم.
و الأمر الثاني : قيام المؤسسة المخزنية بإتاحة الفرصة لهؤلاء من اجل التغلغل في صفوف الطلبة الكادحين و بدعم من الرجعية العربية، و من الإمبريالية العالمية. و لذلك لا نستغرب إذا وجدنا تمرس الحزبوسلاميين على استغلال المساجد، و مختلف المناسبات الدينية، و خاصة صلاة الجمعة، و شهر رمضان، و مختلف المآتم التي تقع في المجتمع، و الأفراح المختلفة التي تقيمها الأسر في مجموع تراب المغرب، الأمر الذي يعني أن الحزبوسلاميين يستغلون المناسبات و البيوت أربعا و عشرين ساعة على أربع و عشرين ساعة، لا من اجل نشر الفهم الصحيح للدين الإسلامي كما يتوهم الناس البسطاء ذلك، بل من اجل إشاعة ادلجة الدين الإسلامي على أنها هي الدين الصحيح. و هو ما يعني انهم سيدخلون مباشرة في محاربة إيديولوجية الكادحين التي هي إيديولوجية الطبقة العاملة "الاشتراكية العلمية" من خلال انخراطهم في محاربة الاشتراكية و الاشتراكيين و الفكر الاشتراكي و الحركة الاشتراكية، باعتبار الاشتراكية العلمية هي إيديولوجية الإلحاد و الملحدين، و العلمانيين، و كل الذين يجب "الجهاد" ضدهم. و إذا ظهر هؤلاء على انهم ضد الأنظمة الحاكمة، و ضد النظام الرأسمالي العالمي، فلأن المرحلة التي نعيشها تقتضي ذلك، و لأن الأنظمة القائمة في البلاد العربية تحول دون وصول الحزبوسلاميين إلى السلطة. و لأن النظام الرأسمالي العالمي لم يعد في حاجة إليهم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق. و لأن الجماهير الشعبية الكادحة المستهدفة بأدلجة الدين الإسلامي تعاني الأمرين، تعاني من الأنظمة القائمة و تعاني كذلك من النظام الرأسمالي. و بالنسبة للحزبوسلامي المغربي (العدالة و التنمية) فإننا نجد انه لا يتنكر لولي نعمته، و يستمر في خدمة المؤسسة المخزنية بكل تلاوينها و أشكالها، و في أماكن تواجدها، و بسبب ذلك الوفاء ينخرط الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) في مخطط المؤسسة المخزنية، القاضي بالدخول في الانتخابات المفضية إلى التواجد في المؤسسات المنتخبة محليا و وطنيا، حتى يلعب الحزبوسلامي دوره كاملا في محاصرة الخطاب التنويري، و في نشر التضليل بأن تلك المؤسسات (ديمقراطية) و بأنها يمكن أن تكون وسيلة لفرض تطبيق "الشريعة الإسلامية" و لتحويل الدولة المخزنية إلى "دولة إسلامية" و إلى جانب ذلك يستمر الحزبوسلاميون في محاربة كافة أشكال التنوير الثقافي و مختلف الإيديولوجيات النقيضة لادلجة الدين الإسلامي و سائر المنظمات الجماهيرية التي تشتغل على قضايا تساهم في فضح ادلجة الدين الإسلامي، و عمل الحزبوسلامي العدالة و التنمية على تضليل الشعب المغربي حتى يساعد ذلك على تأبيد الممارسة المخزنية و محاصرة الحركة اليسارية و الحركة الديمقراطية حتى لا تعمل على تغيير ميزان القوى لصالحها.
و هذه الممارسة التي يقوم بها الحزبوسلامي المغربي (العدالة و التنمية) لا علاقة لها بالعدالة التي تقتضي إبعاد الإيديولوجية و السياسية عن الدين، و هذا الحزبوسلامي تورط من أخمص قدميه إلى أذنيه في استغلال الدين في الأمور الإيديولوجية و السياسية. لأن الدين الإسلامي هو للناس جميعا، و لمن آمن به بالخصوص منهم. و لأن استغلاله من قبل مؤدلجيه من الحزبوسلاميين هو تحريف له، و تحريف الدين يعتبر من الأمور التي يمكن اعتبارها من الانتهاكات الجسيمة في حق الإنسانية التي يفترض احترام معتقداتها. و عدم احترام تلك المعتقدات يجب أن يعتبر جريمة إنسانية و قانونية. و الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) الذي تأسس على أساس عقائدي يعتبر من الأحزاب المرتكبة للجرائم في حق الإنسانية بالعمل على تحريف الدين الإسلامي الذي هو دين المغاربة جميعا، و ليس دين الحزبوسلاميين وحدهم، و استغلاله في الأمور الأيديولوجية و السياسية، و الكلامية، لأجل الدعاية إلى الحزب و تجييش المجتمع يعتبر ممارسة همجية مخالفة للدين الإسلامي نفسه. و إذا كانت هناك كبيرة اعظم في الدين الإسلامي، فإن هذه الكبيرة هي استغلال الدين في الأمور السياسية من قبل جميع الحزبوسلاميين مهما كانوا، و أينما كانوا، و في أي عصر عاشوا. و مرتكبو هذه الكبيرة، تجب مواجهتهم على جميع المستويات الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية و الفكرية و النظرية، و على مستوى الساحة الجماهيرية حتى يدرك المسلمون جميعا خطورة هذه الممارسة المكرسة لأدلجة الدين الإسلامي. لأن هذه الممارسة ليست من العدالة التي لا تكون إلا اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و مدنية و سياسية، و هؤلاء لا يسعون إلى تحقيق عدالة من هذا النوع، بقدر ما يسعون إلى توظيف الدين في الأمور الإيديولوجية و السياسية كمعبر لتحقيق التطلعات الطبقية البورجوازية الصغرى المؤدلجة للدين الإسلامي.