بعد أن صار اليسار ضعيفا، وبعد أن أخذ مناضلوه يعملون على استعادة المكانة التي كان يحتلها في المجتمع المغربي، في اتجاه العودة بقوة إلى الميدان وطنيا، وجهويا، وإقليميا، ومحليا، أخذت تطفو على السطح طفيليات، كالتي تعودنا على ظهورها من بين صفوف الأحزاب الرجعية، والإدارية، وحزب الدولة، ولكنها هذه المرة خرجت من بين صفوف الأحزاب اليسارية نفسها، لا لمحاربة اليمين، واليمين المتطرف، أو حتى مواجهة اليسار المتطرف، والأحزاب الرجعية، والإدارية، وحزب الدولة؛ بل لمحاربة اليسار، من خلال ممارسة النقد الهدام، ومن خلال النيل من رموزه التاريخيين، والواقعيين، ومن خلال القدح في برامجه.
وهذه الطفيليات، التي كانت محسوبة سابقا على اليسار، والتي صارت تدعي أنها هي التي قامت ببناء اليسار في شكله القائم الآن، تسعى، بنقدها الهدام لليسار، وبقدحها في رموزه التاريخيين، والواقعيين، إنما تغطي بذلك على:
أولا: ممارستها للعمالة للسلطات المخزنية: المحلية، والإقليمية، والوطنية، وتقديم الولاء والإخلاص لها، حتى تصير عمالتها مبدئية، وواجبة، لا مفر منها، تستوجب تقديم الخدمات، مقابل ما تتلقاه من امتيازات لا حدود لها.
ثانيا: ممارستها للعمالة، لمن يسمون بالمنتخبين، وخاصة أعضاء المكاتب الجماعية، وبالأخص الرؤساء، باعتبارهم آمرين بالصرف، حتى تصير تلك العمالة وسيلة لتقديم مختلف الخدمات، إلى المنتخبين، مقابل الامتيازات التي تتلقاها منهم.
ثالثا: العمالة للأحزاب الرجعية / الإدارية، وحزب الدولة، وخاصة تلك التي تكون من صنع ذوي النفوذ على أعلى المستويات، أو المقربة منهم، في أفق الارتباط بهم، والفوز بترشيحها لهم، في الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، بهدف الوصول إلى مراكز القرار، والشروع مباشرة في نهب ثروات الشعب المغربي.
رابعا: الرهان على الانتخابات، من أجل الوصول إلى المجالس الجماعية، أو البرلمانية، انطلاقا من العمالة للسلطة المشرفة على الانتخابات، حتى تزور النتائج لصالح العملاء، الذين يصيرون من الفائزين بعضوية أحد المجالس، أو بعضوية البرلمان، حسب درجة العمالة التي تؤهل لذلك، لا حسب درجة الاستحقاق.
وهذه الطفيليات، التي كانت محسوبة على اليسار، والتي تتبارى من أجل التقرب من مختلف الجهات النافذة، ومن كل أصناف اليمينية، والرجعية، ومن الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، الذي يظهر أنه لم يعد حزب الدولة.
وهذه الطفيليات لم تعد تهتم إلا بممارسة العمالة الطبقية، طبعا، أملا في الحصول على المزيد من الثروات، التي ترفعها إلى مستوى البورجوازية، أو الإقطاع، أو إلى مستوى التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، حتى تصير بذلك محققة لتطلعاتها الطبقية، التي هي الغاية الأولى، والأخيرة، من قيام هذه الطفيليات بالنيل من اليسار، ومن رموزه العالمية، والقومية، والوطنية، حتى يعرفوا بدورهم في محاربة اليسار، من أجل أن ينالوا الجزاء الأوفى عن ذلك.
ومعلوم أن رموز اليسار، لم تكن قط في حاجة إلى من يدافع عنها؛ لأنها ليست في حاجة إلى ذلك، كما أنها تملك من قوة التضحيات، ما يجعلها قادرة على الصمود، في وجه مختلف الأعاصير الطبيعية، وغير الطبيعية، والبشرية، والإعلامية، وغيرها.
ومعلوم، أيضا، أن الرموز تملك قاعدة اجتماعية، للدفاع عنها، ولتثبيت تضحياتها، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يجعل تلك القاعدة الاجتماعية، مستعدة للدفاع عن رموز اليسار التاريخيين، والقائمين على أرض الواقع، والصاعدين، كذلك، لأن تلك القاعدة الاجتماعية، هي التي ناضلت، وضحت، وستضحي من أجلها تلك الرموز، مهما كانت، ما دامت يسارية، وما دامت تسعى إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها إطارا لتحقيق العدالة الاجتماعية، والدولة المدنية الديمقراطية، العلمانية، باعتبارها دولة اشتراكية، ودولة للحق والقانون.
والنضال من أجل الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، هو نضال ضد كل العملاء، حتى وإن سبق لهم أن كانوا يساريين، ناضلوا في صفوف اليسار، ولكن مرضهم بالتطلعات الطبقية، جعلهم يتخلون عن يساريتهم، وعن النضال من أجل تحقيق أهداف اليسار، واستبدال كل ذلك بممارسة العمالة للأجهزة القمعية، وممارسة العمالة الطبقية، وممارسة الانبطاح أمام ذوي النفوذ الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل أن يجود المنبطح لهم، ببعض الامتيازات على المنبطحين، الذين يزدادون انبطاحا، أملا في الوصول إلى تحقيق الأهداف، التي يرسمونها، والتي تمكنهم من التسلق الطبقي، الذي يصنفهم إلى جانب البورجوازيين، والإقطاعيين، الذين كونوا ثرواتهم، من نهب ثروات الشعب المغربي، أو من التهريب، أو من الاتجار في المخدرات، وكل أشكال الممارسات اللا مشروعة، التي تجلب المزيد من الأموال، لجيوب البورجوازية، والإقطاع المتخلفين.
وهذه العينة من المرتدين، والمنبطحين، والمتطلعين، والساعين إلى الاستغراق في الانبطاح، والتلذذ به، سرعان ما تكشف نفسها، وسرعان ما تكشفها هذه الجماهير، إن هي حاولت التستر وراء القشة، لتصير معروفة بردتها، ومعروفة بخيانتها لليسار، وبعمالتها، ومنذ زمن ليس بالقريب، للأجهزة القمعية، ولمختلف الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع، وللأحزاب الرجعية، واليمينية، والإدارية، ولحزب الدولة بالخصوص. وهذا الكشف المزدوج، لهذه العينة التي يفرزها الصراع الديمقراطي داخل اليسار، أو تنفرز عنه من تلقاء نفسها، هو الذي يوضح لنا الطبيعة العلمية، للممارسة التنظيمية لليسار، الذي لا يتوقف عند حدود معينة، بقدر ما يستمر تنظيمه في التفاعل الداخلي، ومع الواقع، بكل مكوناته، ومع الأفكار الرائجة فيه، مما يجعل تنظيم اليسار فارزا في اتجاه الواقع، وفي اتجاه نفسه، ومنفعلا، ومتفاعلا مع الواقع، ومقبلا على جميع الاحتمالات، بما في ذلك احتمال التخلي عن بعض من كانوا محسوبين عليه سابقا، إن هم صاروا يسيئون إلى اليسار، الذي يحرص على أن يصير نظيفا من مختلف الأمراض، التي تعرقل مساره النضالي.
واليسار، عندما يتخلص من المرتدين المنبطحين، المرضى بالعمالة للأجهزة القمعية، وبالعمالة الطبقية، لا يزداد إلا قوة؛ لأن قوة اليسار، لم تكن قط، ولن تكون أبدا، في كم المنتمين إليه، بقدر ما كانت، ولا زالت، وستبقى في كيفهم؛ لأن الكيف، هو المحدد للمستوى الذي يوجد عليه اليسار، ولقدرته على المواجهة في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمرتدون، والمنبطحون، عندما يعتقدون أن الكم هو الذي يعطي لليسار القوة الضاربة، فهم مخطئون، وخطأهم يوهم الرجعية، ومعها اليمين، والأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، أن اليسار في طريق الانقراض، والواقع غير ذلك، مادام اليسار يبحث، باستمرار، عن مخرج من أزمته التنظيمية، والإشعاعية، والبرنامجية، والنظرية، وغير ذلك، مما يمكن اعتباره أساسيا بالنسبة لليسار، حتى يغادر أزمته، التي حالت دون اقتحام وحدة المصير، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، حتى نصير أمام يسار واحد، على جميع المستويات.
وعلى المرتدين / المنبطحين، أن لا يستمروا في الكشف عن سوءاتهم، وهم في حالة الانبطاح؛ لأن الشعب المغربي، الذي يعرف انبطاحهم، وردتهم، والغاية من انبطاحهم، وردتهم، يدرك كذلك، أن نيلهم من الرموز اليسارية التاريخية، والواقعية، هو تجاوز للخطوط الحمراء، وأن ممارستهم للنقد الهدام لليسار المناضل، هو كذلك تجاوز للخطوط الحمراء، ومن أراد أن يسعى إلى استبدال اليسار باليمين ،فلن يعترض طريقه أي يساري، ومن اختار أن يمارس العمالة للأجهزة القمعية، فالجميع يعرف تلك العمالة، ويدرك تفاصيلها، ومن اختار أن يمارس العمالة الطبقية، فلن ينافسه فيها يساري صادق.
فكشف السوءات أثناء ممارسة الانبطاح، يسيء أكثر إلى المنبطحين، الذين عليهم أن ينشغلوا بستر سوءاتهم، التي صارت مكشوفة أمام الجميع، بدل الانشغال بالنيل من شرفاء هذا الوطن: من رموز اليسار التاريخيين، والواقعيين.
فهل يمسك المرتدون / المنبطحون عن النيل من شرفاء هذا الوطن التاريخيين، والواقعيين؟
وهل يتوقفون عن تجريح اليسار، واليساريين؟
وهل كان هؤلاء، أصلا، يساريون؟
ألم يكونوا مندسين في صفوف اليسار؟
ألم يكن ما يقومون به، وهم في تنظيم اليسار، لحاجة في نفس يعقوب، كما يقولون؟
وهل يدركون أن الجماهير الشعبية الكادحة، تدرك غايتهم من وراء تجريحهم لليسار، ورموزه؟
ألا يعلمون أن علاقتهم المشبوهة بالأجهزة القمعية المختلفة، أصبحت معروفة عند الخاص، والعام؟
أليست عمالتهم للأحزاب الرجعية / اليمينية / الإدارية، ولحزب الدولة، واضحة للعيان؟
ألا تكشف ممارستهم عن حملهم لمرض التسلق الطبقي؟
أليس مرض التسلق الطبقي وسيلة للدخول إلى السجن؟
أليس مدعاة للاتجار في المخدرات، والتهريب، ونهب ثروة الشعب المغربي؟
أليست هذه الممارسات من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؟
أليست تلك الانتهاكات الجسيمة مدعاة للمساءلة؟
ألا يترتب عن المساءلة التوقيف، والمحاكمة، والسجن؟
وكيفما كانت الأجوبة المحتملة على الأسئلة التي طرحناها، فإن على المرتدين عن اليسار، الذين اختاروا الانبطاح، أن لا يستمروا في نهش رموز اليسار التاريخيين، والواقعيين، وأن يمسكوا عن ممارسة النقد الهدام، في حق الأحزاب اليسارية المناضلة؛ لأن ذلك قد ينقلب ضدهم، وقد يرجعهم إلى قاع المجتمع، لتمارس عليهم الجماهير الشعبية الكادحة كافة أشكال الاحتقار، والرمي بهم إلى مزبلة التاريخ.
فاليساريون الذين توقفوا عن الأداء في صفوف اليسار، لسبب، أو لآخر، استمروا محتفظين بالذكر الجميل، لرموز اليسار، وبالاحترام الكبير لليسار، حتى وإن اختاروا مواقع أيديولوجية، وسياسية أخرى، ولم ينبسوا ببنت شفة في حق رموز اليسار، وفي حق اليسار.
إننا لا ننكر أن اليسار عرف تراجعا خطيرا، بسبب التشرذم، والانقسام، وغياب الوحدة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، وغياب برنامج واضح، وتنظيم محكم، يقوم بتنفيذ ذلك البرنامج، الذي لا يصير إلا في مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم مستهدفين ببرنامج اليسار، الذي يسعى بالخصوص، إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وحينها سوف يصبح اليسار شيئا آخر، خاصة وأن الشروط القائمة تستنفر اليسار، حتى يقوم بدوره لصالح الشعب المغربي، ولصالح الشعوب في جميع أنحاء العالم.
فهل يستر المنبطحون سوءاتهم المكشوفة؟
وهل يراجعون أنفسهم، ويمسكون عن الانبطاح؟
وهل يعلمون أن الانبطاح يتنافى مع الكرامة الإنسانية؟
وهل يدركون أنه بانبطاحهم المترتب عن ردتهم عن اليسار، فقدوا إمكانية التمتع بالحق في الكرامة الإنسانية؟
وهذه الطفيليات، التي كانت محسوبة سابقا على اليسار، والتي صارت تدعي أنها هي التي قامت ببناء اليسار في شكله القائم الآن، تسعى، بنقدها الهدام لليسار، وبقدحها في رموزه التاريخيين، والواقعيين، إنما تغطي بذلك على:
أولا: ممارستها للعمالة للسلطات المخزنية: المحلية، والإقليمية، والوطنية، وتقديم الولاء والإخلاص لها، حتى تصير عمالتها مبدئية، وواجبة، لا مفر منها، تستوجب تقديم الخدمات، مقابل ما تتلقاه من امتيازات لا حدود لها.
ثانيا: ممارستها للعمالة، لمن يسمون بالمنتخبين، وخاصة أعضاء المكاتب الجماعية، وبالأخص الرؤساء، باعتبارهم آمرين بالصرف، حتى تصير تلك العمالة وسيلة لتقديم مختلف الخدمات، إلى المنتخبين، مقابل الامتيازات التي تتلقاها منهم.
ثالثا: العمالة للأحزاب الرجعية / الإدارية، وحزب الدولة، وخاصة تلك التي تكون من صنع ذوي النفوذ على أعلى المستويات، أو المقربة منهم، في أفق الارتباط بهم، والفوز بترشيحها لهم، في الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، بهدف الوصول إلى مراكز القرار، والشروع مباشرة في نهب ثروات الشعب المغربي.
رابعا: الرهان على الانتخابات، من أجل الوصول إلى المجالس الجماعية، أو البرلمانية، انطلاقا من العمالة للسلطة المشرفة على الانتخابات، حتى تزور النتائج لصالح العملاء، الذين يصيرون من الفائزين بعضوية أحد المجالس، أو بعضوية البرلمان، حسب درجة العمالة التي تؤهل لذلك، لا حسب درجة الاستحقاق.
وهذه الطفيليات، التي كانت محسوبة على اليسار، والتي تتبارى من أجل التقرب من مختلف الجهات النافذة، ومن كل أصناف اليمينية، والرجعية، ومن الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، الذي يظهر أنه لم يعد حزب الدولة.
وهذه الطفيليات لم تعد تهتم إلا بممارسة العمالة الطبقية، طبعا، أملا في الحصول على المزيد من الثروات، التي ترفعها إلى مستوى البورجوازية، أو الإقطاع، أو إلى مستوى التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، حتى تصير بذلك محققة لتطلعاتها الطبقية، التي هي الغاية الأولى، والأخيرة، من قيام هذه الطفيليات بالنيل من اليسار، ومن رموزه العالمية، والقومية، والوطنية، حتى يعرفوا بدورهم في محاربة اليسار، من أجل أن ينالوا الجزاء الأوفى عن ذلك.
ومعلوم أن رموز اليسار، لم تكن قط في حاجة إلى من يدافع عنها؛ لأنها ليست في حاجة إلى ذلك، كما أنها تملك من قوة التضحيات، ما يجعلها قادرة على الصمود، في وجه مختلف الأعاصير الطبيعية، وغير الطبيعية، والبشرية، والإعلامية، وغيرها.
ومعلوم، أيضا، أن الرموز تملك قاعدة اجتماعية، للدفاع عنها، ولتثبيت تضحياتها، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يجعل تلك القاعدة الاجتماعية، مستعدة للدفاع عن رموز اليسار التاريخيين، والقائمين على أرض الواقع، والصاعدين، كذلك، لأن تلك القاعدة الاجتماعية، هي التي ناضلت، وضحت، وستضحي من أجلها تلك الرموز، مهما كانت، ما دامت يسارية، وما دامت تسعى إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها إطارا لتحقيق العدالة الاجتماعية، والدولة المدنية الديمقراطية، العلمانية، باعتبارها دولة اشتراكية، ودولة للحق والقانون.
والنضال من أجل الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، هو نضال ضد كل العملاء، حتى وإن سبق لهم أن كانوا يساريين، ناضلوا في صفوف اليسار، ولكن مرضهم بالتطلعات الطبقية، جعلهم يتخلون عن يساريتهم، وعن النضال من أجل تحقيق أهداف اليسار، واستبدال كل ذلك بممارسة العمالة للأجهزة القمعية، وممارسة العمالة الطبقية، وممارسة الانبطاح أمام ذوي النفوذ الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل أن يجود المنبطح لهم، ببعض الامتيازات على المنبطحين، الذين يزدادون انبطاحا، أملا في الوصول إلى تحقيق الأهداف، التي يرسمونها، والتي تمكنهم من التسلق الطبقي، الذي يصنفهم إلى جانب البورجوازيين، والإقطاعيين، الذين كونوا ثرواتهم، من نهب ثروات الشعب المغربي، أو من التهريب، أو من الاتجار في المخدرات، وكل أشكال الممارسات اللا مشروعة، التي تجلب المزيد من الأموال، لجيوب البورجوازية، والإقطاع المتخلفين.
وهذه العينة من المرتدين، والمنبطحين، والمتطلعين، والساعين إلى الاستغراق في الانبطاح، والتلذذ به، سرعان ما تكشف نفسها، وسرعان ما تكشفها هذه الجماهير، إن هي حاولت التستر وراء القشة، لتصير معروفة بردتها، ومعروفة بخيانتها لليسار، وبعمالتها، ومنذ زمن ليس بالقريب، للأجهزة القمعية، ولمختلف الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع، وللأحزاب الرجعية، واليمينية، والإدارية، ولحزب الدولة بالخصوص. وهذا الكشف المزدوج، لهذه العينة التي يفرزها الصراع الديمقراطي داخل اليسار، أو تنفرز عنه من تلقاء نفسها، هو الذي يوضح لنا الطبيعة العلمية، للممارسة التنظيمية لليسار، الذي لا يتوقف عند حدود معينة، بقدر ما يستمر تنظيمه في التفاعل الداخلي، ومع الواقع، بكل مكوناته، ومع الأفكار الرائجة فيه، مما يجعل تنظيم اليسار فارزا في اتجاه الواقع، وفي اتجاه نفسه، ومنفعلا، ومتفاعلا مع الواقع، ومقبلا على جميع الاحتمالات، بما في ذلك احتمال التخلي عن بعض من كانوا محسوبين عليه سابقا، إن هم صاروا يسيئون إلى اليسار، الذي يحرص على أن يصير نظيفا من مختلف الأمراض، التي تعرقل مساره النضالي.
واليسار، عندما يتخلص من المرتدين المنبطحين، المرضى بالعمالة للأجهزة القمعية، وبالعمالة الطبقية، لا يزداد إلا قوة؛ لأن قوة اليسار، لم تكن قط، ولن تكون أبدا، في كم المنتمين إليه، بقدر ما كانت، ولا زالت، وستبقى في كيفهم؛ لأن الكيف، هو المحدد للمستوى الذي يوجد عليه اليسار، ولقدرته على المواجهة في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمرتدون، والمنبطحون، عندما يعتقدون أن الكم هو الذي يعطي لليسار القوة الضاربة، فهم مخطئون، وخطأهم يوهم الرجعية، ومعها اليمين، والأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، أن اليسار في طريق الانقراض، والواقع غير ذلك، مادام اليسار يبحث، باستمرار، عن مخرج من أزمته التنظيمية، والإشعاعية، والبرنامجية، والنظرية، وغير ذلك، مما يمكن اعتباره أساسيا بالنسبة لليسار، حتى يغادر أزمته، التي حالت دون اقتحام وحدة المصير، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، حتى نصير أمام يسار واحد، على جميع المستويات.
وعلى المرتدين / المنبطحين، أن لا يستمروا في الكشف عن سوءاتهم، وهم في حالة الانبطاح؛ لأن الشعب المغربي، الذي يعرف انبطاحهم، وردتهم، والغاية من انبطاحهم، وردتهم، يدرك كذلك، أن نيلهم من الرموز اليسارية التاريخية، والواقعية، هو تجاوز للخطوط الحمراء، وأن ممارستهم للنقد الهدام لليسار المناضل، هو كذلك تجاوز للخطوط الحمراء، ومن أراد أن يسعى إلى استبدال اليسار باليمين ،فلن يعترض طريقه أي يساري، ومن اختار أن يمارس العمالة للأجهزة القمعية، فالجميع يعرف تلك العمالة، ويدرك تفاصيلها، ومن اختار أن يمارس العمالة الطبقية، فلن ينافسه فيها يساري صادق.
فكشف السوءات أثناء ممارسة الانبطاح، يسيء أكثر إلى المنبطحين، الذين عليهم أن ينشغلوا بستر سوءاتهم، التي صارت مكشوفة أمام الجميع، بدل الانشغال بالنيل من شرفاء هذا الوطن: من رموز اليسار التاريخيين، والواقعيين.
فهل يمسك المرتدون / المنبطحون عن النيل من شرفاء هذا الوطن التاريخيين، والواقعيين؟
وهل يتوقفون عن تجريح اليسار، واليساريين؟
وهل كان هؤلاء، أصلا، يساريون؟
ألم يكونوا مندسين في صفوف اليسار؟
ألم يكن ما يقومون به، وهم في تنظيم اليسار، لحاجة في نفس يعقوب، كما يقولون؟
وهل يدركون أن الجماهير الشعبية الكادحة، تدرك غايتهم من وراء تجريحهم لليسار، ورموزه؟
ألا يعلمون أن علاقتهم المشبوهة بالأجهزة القمعية المختلفة، أصبحت معروفة عند الخاص، والعام؟
أليست عمالتهم للأحزاب الرجعية / اليمينية / الإدارية، ولحزب الدولة، واضحة للعيان؟
ألا تكشف ممارستهم عن حملهم لمرض التسلق الطبقي؟
أليس مرض التسلق الطبقي وسيلة للدخول إلى السجن؟
أليس مدعاة للاتجار في المخدرات، والتهريب، ونهب ثروة الشعب المغربي؟
أليست هذه الممارسات من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؟
أليست تلك الانتهاكات الجسيمة مدعاة للمساءلة؟
ألا يترتب عن المساءلة التوقيف، والمحاكمة، والسجن؟
وكيفما كانت الأجوبة المحتملة على الأسئلة التي طرحناها، فإن على المرتدين عن اليسار، الذين اختاروا الانبطاح، أن لا يستمروا في نهش رموز اليسار التاريخيين، والواقعيين، وأن يمسكوا عن ممارسة النقد الهدام، في حق الأحزاب اليسارية المناضلة؛ لأن ذلك قد ينقلب ضدهم، وقد يرجعهم إلى قاع المجتمع، لتمارس عليهم الجماهير الشعبية الكادحة كافة أشكال الاحتقار، والرمي بهم إلى مزبلة التاريخ.
فاليساريون الذين توقفوا عن الأداء في صفوف اليسار، لسبب، أو لآخر، استمروا محتفظين بالذكر الجميل، لرموز اليسار، وبالاحترام الكبير لليسار، حتى وإن اختاروا مواقع أيديولوجية، وسياسية أخرى، ولم ينبسوا ببنت شفة في حق رموز اليسار، وفي حق اليسار.
إننا لا ننكر أن اليسار عرف تراجعا خطيرا، بسبب التشرذم، والانقسام، وغياب الوحدة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، وغياب برنامج واضح، وتنظيم محكم، يقوم بتنفيذ ذلك البرنامج، الذي لا يصير إلا في مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم مستهدفين ببرنامج اليسار، الذي يسعى بالخصوص، إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وحينها سوف يصبح اليسار شيئا آخر، خاصة وأن الشروط القائمة تستنفر اليسار، حتى يقوم بدوره لصالح الشعب المغربي، ولصالح الشعوب في جميع أنحاء العالم.
فهل يستر المنبطحون سوءاتهم المكشوفة؟
وهل يراجعون أنفسهم، ويمسكون عن الانبطاح؟
وهل يعلمون أن الانبطاح يتنافى مع الكرامة الإنسانية؟
وهل يدركون أنه بانبطاحهم المترتب عن ردتهم عن اليسار، فقدوا إمكانية التمتع بالحق في الكرامة الإنسانية؟