بعد مقاطعة استيفاء المجزوءات الذي أقدم عليه المتصرفون الإداريون المتدربون داخل المراكز الجهوية للتربية والتكوين على الصعيد الوطني والذي فاقت بنسبتها 90 بالمئة، تعيش هيئة الإدارة التربوية منذ بداية شهر مارس حالة من الاحتقان بعد أن التحق مديرو المؤسسات التربوية إلى الأشكال الاحتجاجية. ويبقى المنحى الذي اتخذته الأوضاع مؤشرا على أن أمورا قد تتجاوز كل القراءات والتأويلات تدبر في الخفاء، وأن تصفية الملفات والقضايا لم تعد بيد الوزارة المعنية وحدها.
هنا نستحضر ما جاء في تصريحات صحفية سابقة، حيث أكدّ السيد سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أن مسألة مرسوم المتصرفين التربويين الذي كان منتظرا صدوره قبل انصرام شهر دجنبر الجاري، "مسألة وقت" واعتبره إصداره "التزاما شخصيا نحو هيئة الإدارة التربوية". اليوم وبعد شهرين على هذا التصريح، تظل الأمور على حالها ويستمر الاحتقان، مما بفرض محاولة تفكيك طلاسم هذا الملف الشائك.
لا يفوت السيد الوزير فرصة في كل لقاءاته الرسمية مركزيا وجهويا للتأكيد على أهمية الإدارة التربوية في إرساء وإنجاح المشاريع الإصلاحية الكبرى لوزارته وعلى رأسها تنزيل مقتضيات القانون الإطار51.17. وبالنظر إلى كون السيد الوزير أكّد في كلمته الأخيرة خلال اجتماع لجنة الثقافة والتعليم بمجلس النواب يوم الأربعاء 10 مارس2021 أنه ماض في الوفاء بوعده بالإفراج عن المرسومين والذي سمّاه بالتعاقد الشرفي فإن الموضوعية تقتضي استدعاء واستحضار أطراف أخرى في تناول وطرح هذا الملف.
بعد قرار الإضراب المفتوح الذي اتخذه مديرو المؤسسات التربوية، يتعين على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها، ففي كلام الوزير ما يفيد أن وزارته قامت بالمتعين خاصة حين صرّح أن المرسوم "جاهز"، وأضاف أن لجنة مشتركة تم إحداثها وتدارست كل التساؤلات وقيمت الكلفة المالية. السيد الوزير استطرد معبرا عن حرقته وقناعته بضرورة وضع حد لهذا الملف، فمن يا ترى يستفيد من تأجيج الوضع؟؟
يبدو أن مساعي وزير التربية الوطنية في غير صالح جهات معينة ومعروفة، جهات تنتصر للحسابات والطرح السياسي الضيق في التعامل مع هذا الاحتقان الذي يتصاعد داخل هيئة الإدارة التربوية خاصة أننا على أبواب معركة انتخابية، جهات قد تكون منزعجة من المسار والإيقاع الذي اختاره السيد سعيد أمزازي في تدبيره لمنظومة التربية والتكوين فآثرت التشويش والعرقلة.
لقد استبشرنا خيرا لمّا تم تجديد الثقة في السيد سعيد أمزازي وزيرا للتربية الوطنية، وقبلها استبشرنا لكونه وزيرا ذا عمق تقنوقراطي رغم قبعته الحركية، ولعل المتتبع لإنجازات هذا
الوزير منذ استوزاره، سيستنتج بشكل يؤكد بما لا يدع الشك أن هناك مثبطات وعراقيل خصوصا في الشهور الأخيرة تكبح فلسفته ورغبته في الإصلاح الحقيقي.
في الختام، رسالة إلى ذوي النزعة السياسوية، إذا كنتم فعلا تهتمون لشأن المغاربة ممن وضعوا ثقتهم فيكم، غلبوا مصلحة الوطن والمواطن وكفوا عن وضع العقبات، دعوا الملفات تصفى ورجال التربية والتكوين ينصفون، واعلموا أن لكل إصلاح كلفة مادية وأن تأجيله يضاعف الأمر.