المغرب، الذي كان من النادر أن يعلن خلال السنوات الماضية عن وفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة، قال في 25 يوليوز الماضي إن 21 شخصا لقوا مصرعهم بمدينة بني ملال في يوم واحد، بسبب الحر.
هذه الظروف الاستثنائية دفعت وزارة الصحة لاتخاذ إجراءات وتدابير استعجالية في إطار التصدي للآثار الصحية الناجمة عن موجة الحرارة القاسية.
والأسبوع الماضي، تراوحت درجات الحرارة في المغرب لمستويات “قياسية”، بحسب هيئة الأرصاد الجوية، تراوحت بين 42 و47 درجة، فيما تخطت في 23 يوليوز الماضي حاجز 47 درجة.
موجة الحر هذه خلفت تداعيات أبرزها استمرار الجفاف الذي يضرب البلاد للعام السادس على التوالي، فضلا عن اندلاع حرائق كان آخرها في مدينتي تازة وتطوان خلال الأسبوع الأخير من يوليوز الماضي.
وفي ماي الماضي، توقعت الوكالة المغربية للمياه والغابات تزايد خطر نشوب حرائق في الغابات أثناء صيف العام الجاري؛ نظرا لظاهرة الجفاف واستمرار موجات الحرارة المرتفعة بعموم البلاد.
إلى جانب ذلك، فإن هذه الموجة تركت بصمتها أيضا على قطاعات الزراعة والاقتصاد والمياه، حيث تسببت باختفاء بحيرات ما دفع السلطات المغربية لتخفيض منسوب المياه في بعض المدن.
أسباب متعددة
قالت مديرية الأرصاد الجوية إن مدينة “بني ملال” سجلت، في 23 يوليوز الماضي، أعلى درجات حرارة في البلاد حتى الاثنين (5 غشت الجاري) خلال عام 2024.
وأضافت المديرية، في بيان، إنه “تم تسجيل أعلى درجة حرارة بمدينة بني ملال حيث بلغت 47.7، تلتها مدينة مراكش التي بلغت درجة الحرارة فيها 47.2”.
وأرجعت المديرية ارتفاع درجات الحرارة إلى “نشاط المنخفض الصحراوي وامتداده نحو جنوب البلاد، ما أدى إلى صعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى نحو تلك المناطق، بما يعرف في ظاهرة الشركي”.
الخبير المغربي في التغيّرات المناخية والبيئية، مصطفى العيسات، أرجع في تصريح، “موجات الحرارة غير المسبوقة إلى عوامل طبيعية وأخرى إنسانية”.
وأضاف: “الأسباب الطبيعية تتعلق برياح الجنوب الساخنة المتوجهة إلى الشمال، أو ما يعرف (بظاهرة) الشركي، والتي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة”.
وأوضح أن المغرب شهد في السنوات الماضية “قساوة مناخية تتسم بارتفاع كبير في درجات الحرارة”.
وعن الأسباب الإنسانية، قال العيسات إنها ترتبط “بالاحتباس الحراري الناتج عن الغازات الدفيئة، وعدم التزام العديد من الدول باتفاقية باريس للمناخ”.
واتفاق باريس للمناخ، هو أول اتفاق دولي شامل حول حماية المناخ، تم التوصل إليه في دجنبر 2015 بالعاصمة الفرنسية، بعد مفاوضات مطولة بين ممثلين عن 195 دولة، وتُلزم المعاهدة الدول الموقعة باحتواء معدل الاحتباس الحراري.
وفي أبريل 2016، وقعت 190 دولة الاتفاقية المعروفة أيضا باسم “كوب 21″، التي تتضمن توفير المزيد من الموارد المالية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتطوير القدرة على التكيف مع التغير المناخي.
وأشار العيسات إلى أن “ارتفاع درجات الحرارة تؤثر على حرارة المحيطات مما يرفع بدوره من وتيرة التقلبات المناخية، مثل الأمطار الطوفانية والرياح العنيفة”.
مخاطر الحر
وعن مخاطر استمرار موجة الحر، قال العيسات إنها تتمثل في 3 مستويات وهي “ندرة المياه والحرائق وتضرر التنوع البيولوجي”.
وأضاف إن المستوى الأول يتعلق بـ”الإجهاد المائي وندرة المياه وتقلص الفرشة المائية (موارد مائية باطنية)”.
وأوضح أن مخزون السدود في البلاد تقلص إلى 23 بالمائة، فيما تقلص بعض مخزونها إلى 5 بالمئة، الأمر الذي بدوره يؤثر على تراجع الإنتاج الزراعي، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية.
وأما المستوى الثاني، فهو يتمثل بحسب الخبير المغربي بـ”اندلاع الحرائق بسبب الحر، بما يؤثر على الغابات”.
وقال عن ذلك: “هذه الحرائق دفعت الحكومة لاعتماد استراتيجية جديدة للحد منها واقتناء طائرات كنادير واستعمال التكنولوجيا الحديثة والدرونات”.
وفيما يتعلق بالمستوى الثالث، قال العيسات إن “الحرارة والحرائق يؤثران على التنوع البيولوجي، خاصة على الغابات، وهو ما يخلف أضرارا اقتصادية واجتماعية، كما حدث بمدينة بني ملال حيث توفي 21 فردا بسبب موجة الحرارة”.
أزمة المياه
وسط هذه التداعيات خاصة على مستوى المياه، اتخذت البلاد عدة إجراءات لمواجهة الأزمة.
وفي هذا الإطار، دعا العاهل الملك محمد السادس، في 29 يوليوز الماضي إلى ضرورة “الإسراع بإنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، والذي يستهدف توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا”.
وأضاف في خطاب متلفز آنذاك، إن “هذه المشاريع ستمكن المغرب، في أفق 2030، من تغطية أكثر من نصف احتياجاته من المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى ري مساحات فلاحية كبرى، بما يساهم بتعزيز الأمن الغذائي للبلاد”.
وكان المغرب قد أعلن في يونيو الماضي بدء أعمال تشييد محطة لتحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء، قال إنها ستكون “الأكبر” من نوعها في القارة الإفريقية بطاقة إنتاج سنوية تصل لنحو 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.
وأقرت الحكومة، في وقت سابق، برنامجا وطنيا للتزود بالمياه لاستخدامها في الشرب والري للفترة الممتدة بين 2020 -2027، باستثمارات تبلغ 115 مليار درهم.
العدالة المناخية
قال العيسات إن غياب العدالة المناخية ما بين الدول المصنعة والنامية، يجبر الأخيرة على دفع ضريبة الدول المتقدمة التي تساهم بشكل كبير في الاحتباس الحراري.
وتابع: “ظاهرة الحرارة تؤدي أيضا إلى ظاهرة النينو الطبيعية، التي تسبب فيضانات وتنعكس سلبا على الاقتصاد والبنية التحتية”.
و”النينو” هي ظاهرة طبيعية تصيب المحيطات كل 4 – 12 عاما، حيث ترتفع درجة حرارة المياه السطحية، بما يولد كتلا وتيارات مائية دافئة في المناطق المدارية بما يحدث تغيرات مناخية.
وأشار إلى أن التغيرات المناخية تدفع السكان نحو الهجرة.
وفي 10 أكتوبر 2023، توقعت المنظمة الدولية للهجرة أن يتراوح عدد المهاجرين في العالم لأسباب متعلقة بالمناخ بين 44 و216 مليون شخص بحلول 2050.
هذه الظروف الاستثنائية دفعت وزارة الصحة لاتخاذ إجراءات وتدابير استعجالية في إطار التصدي للآثار الصحية الناجمة عن موجة الحرارة القاسية.
والأسبوع الماضي، تراوحت درجات الحرارة في المغرب لمستويات “قياسية”، بحسب هيئة الأرصاد الجوية، تراوحت بين 42 و47 درجة، فيما تخطت في 23 يوليوز الماضي حاجز 47 درجة.
موجة الحر هذه خلفت تداعيات أبرزها استمرار الجفاف الذي يضرب البلاد للعام السادس على التوالي، فضلا عن اندلاع حرائق كان آخرها في مدينتي تازة وتطوان خلال الأسبوع الأخير من يوليوز الماضي.
وفي ماي الماضي، توقعت الوكالة المغربية للمياه والغابات تزايد خطر نشوب حرائق في الغابات أثناء صيف العام الجاري؛ نظرا لظاهرة الجفاف واستمرار موجات الحرارة المرتفعة بعموم البلاد.
إلى جانب ذلك، فإن هذه الموجة تركت بصمتها أيضا على قطاعات الزراعة والاقتصاد والمياه، حيث تسببت باختفاء بحيرات ما دفع السلطات المغربية لتخفيض منسوب المياه في بعض المدن.
أسباب متعددة
قالت مديرية الأرصاد الجوية إن مدينة “بني ملال” سجلت، في 23 يوليوز الماضي، أعلى درجات حرارة في البلاد حتى الاثنين (5 غشت الجاري) خلال عام 2024.
وأضافت المديرية، في بيان، إنه “تم تسجيل أعلى درجة حرارة بمدينة بني ملال حيث بلغت 47.7، تلتها مدينة مراكش التي بلغت درجة الحرارة فيها 47.2”.
وأرجعت المديرية ارتفاع درجات الحرارة إلى “نشاط المنخفض الصحراوي وامتداده نحو جنوب البلاد، ما أدى إلى صعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى نحو تلك المناطق، بما يعرف في ظاهرة الشركي”.
الخبير المغربي في التغيّرات المناخية والبيئية، مصطفى العيسات، أرجع في تصريح، “موجات الحرارة غير المسبوقة إلى عوامل طبيعية وأخرى إنسانية”.
وأضاف: “الأسباب الطبيعية تتعلق برياح الجنوب الساخنة المتوجهة إلى الشمال، أو ما يعرف (بظاهرة) الشركي، والتي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة”.
وأوضح أن المغرب شهد في السنوات الماضية “قساوة مناخية تتسم بارتفاع كبير في درجات الحرارة”.
وعن الأسباب الإنسانية، قال العيسات إنها ترتبط “بالاحتباس الحراري الناتج عن الغازات الدفيئة، وعدم التزام العديد من الدول باتفاقية باريس للمناخ”.
واتفاق باريس للمناخ، هو أول اتفاق دولي شامل حول حماية المناخ، تم التوصل إليه في دجنبر 2015 بالعاصمة الفرنسية، بعد مفاوضات مطولة بين ممثلين عن 195 دولة، وتُلزم المعاهدة الدول الموقعة باحتواء معدل الاحتباس الحراري.
وفي أبريل 2016، وقعت 190 دولة الاتفاقية المعروفة أيضا باسم “كوب 21″، التي تتضمن توفير المزيد من الموارد المالية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتطوير القدرة على التكيف مع التغير المناخي.
وأشار العيسات إلى أن “ارتفاع درجات الحرارة تؤثر على حرارة المحيطات مما يرفع بدوره من وتيرة التقلبات المناخية، مثل الأمطار الطوفانية والرياح العنيفة”.
مخاطر الحر
وعن مخاطر استمرار موجة الحر، قال العيسات إنها تتمثل في 3 مستويات وهي “ندرة المياه والحرائق وتضرر التنوع البيولوجي”.
وأضاف إن المستوى الأول يتعلق بـ”الإجهاد المائي وندرة المياه وتقلص الفرشة المائية (موارد مائية باطنية)”.
وأوضح أن مخزون السدود في البلاد تقلص إلى 23 بالمائة، فيما تقلص بعض مخزونها إلى 5 بالمئة، الأمر الذي بدوره يؤثر على تراجع الإنتاج الزراعي، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية.
وأما المستوى الثاني، فهو يتمثل بحسب الخبير المغربي بـ”اندلاع الحرائق بسبب الحر، بما يؤثر على الغابات”.
وقال عن ذلك: “هذه الحرائق دفعت الحكومة لاعتماد استراتيجية جديدة للحد منها واقتناء طائرات كنادير واستعمال التكنولوجيا الحديثة والدرونات”.
وفيما يتعلق بالمستوى الثالث، قال العيسات إن “الحرارة والحرائق يؤثران على التنوع البيولوجي، خاصة على الغابات، وهو ما يخلف أضرارا اقتصادية واجتماعية، كما حدث بمدينة بني ملال حيث توفي 21 فردا بسبب موجة الحرارة”.
أزمة المياه
وسط هذه التداعيات خاصة على مستوى المياه، اتخذت البلاد عدة إجراءات لمواجهة الأزمة.
وفي هذا الإطار، دعا العاهل الملك محمد السادس، في 29 يوليوز الماضي إلى ضرورة “الإسراع بإنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، والذي يستهدف توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا”.
وأضاف في خطاب متلفز آنذاك، إن “هذه المشاريع ستمكن المغرب، في أفق 2030، من تغطية أكثر من نصف احتياجاته من المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى ري مساحات فلاحية كبرى، بما يساهم بتعزيز الأمن الغذائي للبلاد”.
وكان المغرب قد أعلن في يونيو الماضي بدء أعمال تشييد محطة لتحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء، قال إنها ستكون “الأكبر” من نوعها في القارة الإفريقية بطاقة إنتاج سنوية تصل لنحو 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.
وأقرت الحكومة، في وقت سابق، برنامجا وطنيا للتزود بالمياه لاستخدامها في الشرب والري للفترة الممتدة بين 2020 -2027، باستثمارات تبلغ 115 مليار درهم.
العدالة المناخية
قال العيسات إن غياب العدالة المناخية ما بين الدول المصنعة والنامية، يجبر الأخيرة على دفع ضريبة الدول المتقدمة التي تساهم بشكل كبير في الاحتباس الحراري.
وتابع: “ظاهرة الحرارة تؤدي أيضا إلى ظاهرة النينو الطبيعية، التي تسبب فيضانات وتنعكس سلبا على الاقتصاد والبنية التحتية”.
و”النينو” هي ظاهرة طبيعية تصيب المحيطات كل 4 – 12 عاما، حيث ترتفع درجة حرارة المياه السطحية، بما يولد كتلا وتيارات مائية دافئة في المناطق المدارية بما يحدث تغيرات مناخية.
وأشار إلى أن التغيرات المناخية تدفع السكان نحو الهجرة.
وفي 10 أكتوبر 2023، توقعت المنظمة الدولية للهجرة أن يتراوح عدد المهاجرين في العالم لأسباب متعلقة بالمناخ بين 44 و216 مليون شخص بحلول 2050.