HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

إلى الشباب المغربي : كونوا نورا للعالم العربي لا ظلا له


بين نوفاك
الثلاثاء 12 أبريل 2011




إلى الشباب المغربي : كونوا نورا للعالم العربي لا ظلا له
إلى الشباب المغربي : لم يسبق لي زيارة المغرب أو عشت فيه لذلك فإنني لا أعرفكم شخصيا ، بل أعرفكم عن طريق تواجدكم على شبكة الانترنيت أو على الأصح عن طريق الصورة التي تعكسونها لأنفسكم على الأقل باللغة الانجليزية .

لقد درست أيضا بلدكم و تتبعت مشاريع التنمية بالمغرب سواء في المجال الاقتصادي أو الحكومي أو الاجتماعي لمدة طويلة خصوصا منذ بداية الثورات العربية الكبيرة في 2011. لديكم بلد متميز لذلك فأنني اهتم لما ستؤول إليه ثورتكم .

انتم تعرفون كبار السن من الرجال: يحبون دائما إعطاء النصائح للشباب: لذا أتمنى أن تعطوني الفرصة لإبداء النصح على ما تبدو عليه الأحداث غير الانترنت.

رغم أنني رجل عجوز إلا أن قلبي مع الشباب المغربي في هذا الوقت المهم في التاريخ العربي.ثورة طال انتظارها تجتاح المغرب العربي و الشرق الأوسط ، فمن الصعب إذا أن لا يثور الشباب المغربي ، أي الثورة ، المهم أن يرفعوا رؤوسهم عاليا لبقية العالم و خاصة إلى غيرهم من العرب اوليس الشباب المغربي فخورا بإخوانه في العاصمة تونس أو ميدان التحرير أو الذين يواجهون الرصاص و الدبابات و القنابل في ليبيا و البحرين و اليمن ؟ و هل الشباب المغربي غير مبال بسؤال إخوته العرب و أبنائه عن الدور الذي لعبه في الثورة العربية الكبرى لسنة 2011 ؟ الشباب المغربي يستجيب " أنا كذلك قمت بثورة " إن كنت شابا لكنت هناك اصنع الثورة معكم . لكن إن تركتم الفرصة لرجل حكيم أن يبدي رأيه ستكون هذه نصيحتي إليكم :

1- عندما تقومون بثورة فكروا جيدا فكثير من الثورات كانت شيئا يؤسف له .
2- هناك أكثر من سبب لقيام ثورة.
3- هناك أكثر من طريقة واحدة لصنع ثورة .

دعونا نبدأ بالنقطة الأولى : أول ثورة بالعالم العربي كانت سنه 1916 و قد كانت ضد الحكم الاستبدادي و التعسفي للعثمانيين . انظم الشباب العربي للبريطانيين و الفرنسيين الذين كانوا في الحرب مع الإمبراطورية العثمانية لأنها كانت حليفة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى . الشباب العربي و حلفاؤه فازوا و لكن ماذا كانت النتيجة ؟ .

لقد سمحت فقط للبريطانيين و الفرنسيين بتقسيم الشرق الأوسط بحدود اعتباطية و إقامة حكم استعماري . وقد خصص معظم ما تبقى من القرن العشرين للتخلص من تبعات الثورة العربية الكبرى لعام 1916.

الثورة العربية التي تلتها كانت الثورة القومية بزعامة جمال عبد الناصر و التي ألهمها حلم الوحدة العربية و التي كانت في طريقها للتحقق خصوصا بعدما انضمت عدة دول عربية إلى الجمهورية العربية المتحدة. لكن الحلم الثوري تحول إلى كابوس بعد هزائم مذلة في الحربين العربية – الإسرائيلية في سنتي 1967 و 1973 و نهاية التضامن العربي. بدلا من الوحدة العربية فان الثورة في نهاية المطاف أدت إلى أنظمة الرئيس بن علي في تونس و حسني مبارك في مصر و عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر و معمر القدافي في ليبيا ، كل الأنظمة التي يحاربها الشباب اليوم .

لذلك فنصيحتي هي كالتالي: لا تصنعوا ثورة تندمون عليها. تذكروا انه عندما تحفرون حفرة الثورة فإنكم تجرون البلاد كلها إلى ذات الحفرة.
فكروا جيدا قبل أن تقوموا بثورة يتحمل الأجيال القادمة عواقبها. يقودني هذا إلى النقطة الثانية و هي أنه هناك أكثر من سبب لقيام الثورة. أثناء تصفحي للعديد من التقارير الصحفية و مقالات الرأي و المدونات فإنني أعجبت بأسباب و أهداف الثورة في المغرب. هدفها واحد : تقزيم صلاحيات الملك و تقديمها للسياسيين المنتخبين.

إذا كان الملك طاغية كبن علي أو مبارك أو بوتفليقة أو القدافي لكنت أول المشجعين لكم و لتمنيت أن أكون شابا لالتحق بكم. و لكن محمد السادس ليس طاغية بل بالعكس هو ملك إصلاح و هدفه الوحيد جعل المغرب دولة حديثة و ديمقراطية .

سيكون هناك المزيد من الإصلاحات و التغييرات لجعل المغرب بلدا أكثر ديمقراطية و عدالة و احتراما لحقوق الإنسان. و قد كانت هذه سياسته منذ توليه الحكم سنه 1999 و أكد في خطاب 9 مارس انه كان يعني ما كان يقوله منذ حوالي 12 سنة. من النادر أن تجد دولة لها حاكم يعني ما يقوله.
والحقيقة هي أن للشباب المغربي حجة مجردة لتبرير ثورتهم لانتزاع السلطة من الملك لصالح السياسيين المنتخبين. نعم هناك أيضا قضايا فساد خطيرة وجب معالجتها و لكن من السذاجة الافتراض أن التخلص من سلطات الملك و تسليمها للسياسيين سوف يحل المشكلة.

في حين أن فكرة الديمقراطية ستكون اقل فسادا من النظام الملكي، و كان هذا أمل يدافع عنه في القرن 18، فان الثورتين الأمريكية و الفرنسية قد اثبتا أن أفضل الديمقراطيات ترفض أن تحتل المرتبة الثانية عندما يتعلق الأمر بالفساد.

تذكرانه تم انتخاب زين العابدين بن علي رئيسا لتونس خمس مرات وانتخب مبارك رئيسا لمصر في انتخابات ديمقراطية أربع مرات.
فمجرد التصويت عليهم ليس دفاعا ضد الاستبداد و الفساد. ولكن دعونا لا ننظر إلى الديمقراطيات الطغاة لإثبات أن الفساد مستوطن في جميع الأنظمة.
مجرد إلقاء نظرة على الفساد في الديمقراطية الأمريكية بوول سترير واللوبيات الخارجية (اثنين فقط من مصادر الفساد) و جميع أنواع الفساد بالمغرب التي سلط عليها ويكيليكس الضوء حتى الآن فان هذه الأخيرة تبدو تافهة جدا بالمقارنة. لذلك فنصيحة هذا الأمريكي العجوز بخصوص النقطة الثانية هي انه لا يجب أن تتحول ثورة محاربة الفساد إلى ثورة لتقزيم سلطات الملك. و يمكنني أن أؤكد لكم انه من السهل أن يصبح السياسة المنتخبين ديمقراطيا أكثر فسادا من مستشاري الملك. فمن الأفضل أن تستخدم الثورة لمحاربة الفساد و تعرية المفسدين وتعرية طرقهم في سرقة الحكومة و الشعب.

هاجموا الفساد و ليس الملك لأنه ان هاجمتم الملك فمن السهولة بما كان إن يصل المفسدون إلى الحكم عن طريق الانتخابات الديمقراطية ما بعد الثورة.
و أخيرا نأتي إلى النقطة الثالثة و هي انه هناك أكثر من طريقة واحدة لصناعة الثورة. الفكرة القديمة هي انه للثورة هدف واحد: "إسقاط النظام " للأسف هذا ما يروج له في الصحافة و المدونات. إذا تنازل الملك عن الكثير من صلاحياته أي إن يصبح حاكما رمزيا فقط فإنني سأكون صريحا كأي رجل كبير السن و سأقول أن هذه تفاهة و أنكم ستندمون كثيرا على ذلك مستقبلا.

أسمعكم تقولون: " و لكن إن لم نطلب من الملك أن يتنازل عن صلاحياته، فكيف ستكون لدينا ثورة ؟"
حسنا ، هذا ما يقودنا إلى تجاوز فكرة توزيع السلطة في الأعلى . في الأخير هي فكرة سلبية و لا تخدم إلا السياسيين و الصحفيين و لن يكون لها أي اثر ايجابي على المواطنين المستضعفين.

لذلك فما يحتاج الشعب المغربي هو ثورة ايجابية أي بدل محاباة الدول العربية في ثورتهم لماذا لا تقودوا الثورة العربية ؟ إذ الشباب المغربي اتخذ هذا النهج فسيكون لكم الكثير لتقديمه للدول و الشعوب العربية التي تكافح في ظل القانون و النمو الاقتصادي و الاستقرار الاجتماعي.
إن الشباب المغربي فكر قليلا فسيجد أن المغرب هو نموذج لباقي الدول العربية. في السنوات الأخيرة:
- المغرب سار في درب الديمقراطية و التنمية الاقتصادية و ضمان حقوق الإنسان
- المغرب بلد ذو مجتمع مستقر لا يريد و لا يتوقع اضطرابا.
- للمغاربة مشاعر وطنية قوية يتعاون مع باقي العرب لتحقيق و تعزيز العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية و الثقافية .
- المغاربة لديهم شعور قوي بالكرامة و احترام قيم الإسلام و تقديس التقاليد.

هذه تماما القيم و الأهداف التي تحتاجها الدول العربية كتونس و مصر و التي أطاحت بأنظمتها الاستبدادية لإقامة مجتمعات مستقرة و حرة. و يجب على الشباب المغربي أن يقول لهم : " تعالوا و انظروا إلى التجربة المغربية : لدينا شيء جيد لتقديمه لكم في الطريق إلى المستقبل الذي ننشده جميعا " هذا سيكون مساهمة حقيقية في الثورة العربية الكبرى لعام 2011 ، و ستكون كذلك قيادة حقيقية و مفيدة للثورة العربية الكبرى ل 2011 ، هذه القيادة التي تحتاجها هذه الثورة لكي لا تقع في أخطاء ثورات سابقة عديدة .

إذن ماهي نصيحة هذا العجوز الأمريكي : كونوا زعماء لا تابعين إن ألقيتم نظرة على بلدكم و تاريخه و تقاليده و ستجدون الكثير لتقديمه للعرب أحسن من أن تحابوهم في إسقاط حكوماتهم. الشباب المغربي يمكن و يجب أن يكون نورا للعالم العربي لا ظلا له.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير