HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الباك بطعم المنون


البدالي صافي الدين
الخميس 13 يونيو 2024




الباك بطعم  المنون
عرفت امتحانات البكالوريا هذه السنة مأساة حقيقية حيث في أول يوم لهذه الامتحانات، أقدمت مرشحة من مدينة آسفي على الانتحار بعد إخراجها من مركز الامتحان بعد اتهامها بالغش وطردها مباشرة إلى خارج المؤسسة وهي في حالة نفسية خطيرة أدت بها إلى إلقاء نفسها في البحر بكورنيش آسفي بعدما تهاون الطاقم الإداري و التربوي بالمركز بعدم تقديم أية مساعدة نفسية أو الاحتفاظ بها إلى أن يحضر ولي أمرها وهو ما يضع الطاقم المشرف في وضعية المسؤولية الجسيمة في هذا الانتحار الذي حول طعم امتحان الباك من طعم التفاؤل إلى طعم المنون .
و هنا نطرح السؤال: من المسؤول عن هذه الوضعية، و قد تتلوها وضعيات انتحارية أخرى لا قدر الله ؟ هل التلميذ ام الأستاذ أم الوزارة ؟
إن تحديد المسؤولية يجعلنا نستحضر سياسة التعليم في بلادنا ،ذلك لأن عملية انتحار الشابة على خلفية الغش كشفت بالفعل هشاشة التعليم في بلادنا و كشفت مدى ازدياد تراجع التعليم بعشرات الدرجات في سلم الترتيب العالمي بالنسبة للتعليم . إن الانتحار على خلفية الغش سببه تراجع المدرسة العمومية المغربية عن دورها التاريخي الذي كان يجعل من التلميذ الإنسان الذي يعتمد على الذات ، الإنسان الباحث و المبدع و القادر على التعاطي مع حل المشكلات، كانت حسابية أو لغوية أو فلسفية. الى ذلك كانت للمدرسة مكانتها الاجتماعية و الثقافية و الإنسانية . كانت منبع مكارم الأخلاق و يتخرج منها أطر متشبعين بالحس الوطني و بروح المسؤولية . لكن لما تم التخلي عن المدرسة العمومية من طرف الدولة و ألقت بها في بحر الظلمات تخلت عن واجبها كرها و أصبحت من متلاشيات الدولة مثلها كمثل القطاعات الاجتماعية من صحة و رعاية اجتماعية حقيقية ، تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي سيء الذكر، لأنه مؤسسة لها أهداف استعمارية / صهيونية، تسعى إلى استعباد الشعوب عبر الأنظمة غير الديمقراطية كالمغرب. لذلك فإن الغش الذي أصاب المدرسة العمومية ليس منها أو عيلها، بل هو مرض مجتمعي أصاب المجتمع المغربي في جميع مناحي الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الفنية و الرياضية. فأينما تولي وجهك تجد الغش ، تجده في الوسط الجامعي و في المؤسسات الإنتاجية و في الجماعات الترابية و في إسناد الصفقات و في بناء الطرقات والقناطر و البنايات . كما تجده في إسناد المناصب و في المباريات و في المصحات و المستشفيات إلى آخره … و الحكومة تراعي مظاهر الغش و الفساد والإثراء غير المشروع والتلاعب في الصفقات و في الأسعار و تضارب المصالح و التلاعب و الغش في الدعم لفائدة أرباب النقل و لفائدة مستوردي الأغنام و الحبوب و لفائدة الفلاحين . إن الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال باستثناء حكومة عبد الله ابراهيم، كلها حكومات ظلت ترعى الغش و لا تحاربه، بل تغض الطرف عن مرتكبيه ، خاصة من ذوي النفوذ. إن التلميذة التي انتحرت هي ضحية سياسة الغش الذي ترعاه الحكومة ، و لا ذنب لها، رحمها الله، بل هو ذنب من يحمي كبار الغشاشين و يعاقب الضعفاء . وما كان لأطر مركز الامتحانات أن يتسرعوا في الدفع بهذه الشابة إلى الانتحار .

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير