HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الدور الخفي للولايات المتحدة في تسخين أحداث الشارع العربي من خلال خطاب أوباما


مولاي احمد الادريسي
الخميس 2 يونيو 2011



رغم أن مضامين الخطاب لا تشير إلى تحول عميق في الرؤية الأمريكية للقضايا و لبؤر الصراع التي تتفاعل داخل مسار الربيع العربي فيما أجندة الإصلاح في الشرق الأوسط تراوح مكانها بفعل الدور الخفي للولايات المتحدة في تسخين أحداث الشارع العربي كبديل ظرفي لبرودة العلاقات العربية الأمريكية .


الدور الخفي للولايات المتحدة في تسخين أحداث الشارع العربي  من خلال خطاب أوباما
ما يميز الخطاب منهجيا هو تعبيراته الجديدة/القديمة في معالجة شقين متلازمين في المنطقة : تحرك الشارع العربي بما يحاط به من ريبة من المراقب الأمريكي الذي لم يكن ينظر بعين الرضا إلى تعاملات هذا الشارع انسجاما مع إستراتيجيته في الدفاع عن القادة الذين يشكلون درعا قويا يحمي مصالح الولايات المتحدة في المنطقة .
وقد ركز أوباما في خطابه على مجموعة من المحاور :
- التأكيد على ضرورة الإصلاح من خلال تبنيه لأجندة تؤكد ذلك ما يجعل المتتبع يحاول تحديد ملامح الإصلاح ، وكما يريده اوباما – علما أن أي إصلاح حقيقي في المنطقة لن يسامت قطعا تصورات رئيس الولايات المتحدة المفهوم التطبيقي للإصلاحات الأمريكية القاتمة على اعتبار مصلحة أمريكا كدينامية مؤسسة لهذا المفهوم .

- في دعوته إلى نقل السياسة الخارجية الأمريكية إلى مرحلة جديدة، اعتراف صريح بأن سلبيات الأوضاع التي عارضها الشارع العربي لم تنشأ إلا عن تعمد أمريكي رهيب فما ظاهرة القمع في البلاد العربية من خلال تغاظي الطرف عن مسلسلات القمع التي عاشتها الحركات العربية من صراعها مع حماة المصالح الأمريكية الإسرائيلية ، ما يثبت ذلك هو الانتظارية التي لجأت إليها أمريكا في صراع التعامل مع الشارعين التونسي والمصري ترقبا لما ستؤول إليه الأحداث .

- في خطابه دعا اوباما إلى قيام الدولتين الفلسطينية والإسرائلية في حدود 1967 منبها إلى أن عزلة إسرائيل في الأمم المتحدة لن تزيد الأمور إلا تعقيدا ، راسما الخطوط العريضة لقيام الدولة الفلسطينية التي يريدها مشلولة من خلال اقتراحه عدم تسليح هذه الدولة مما يعني خلق دولة فلسطينية منقوصة السيادة إضافة إلى ما يشكله هذا الوضع من تهديد للإنسان الفلسطيني الذي سيكون تحت رحمة الجيش الإسرائيلي .

- النظر إلى مصالحة حماس وفتح بمنظر الريبة، الغاية من ذلك هو إعادة اسطوانة النزاع بين الفريقين إلى وضعها الأصلي وما ينتج عن ذلك من إضعاف للسلطة الفلسطينية .
- ترقب تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة في ضوء المتغيرات الجديدة التي أنجزتها مصر ما بعد مبارك التي سعت إلى تجسير العلاقة بين فتح وحماس انسجاما مع إرادة الشارع في مصر وفي غزة والضفة وهو موقف خلخل الاستراتيجية الأمريكية التي راهنت على تعميق الهوة بين الفصائل الفلسطينية خدمة وتقوية للأجندة الإسرائيلية التي أذكت بوادر الصراع ، وعملت على تأجيجه ما مكنها من ارتكاب مجازر في غزة والضفة على خلفية الصراع بين فتح وحماس.

- وضع تصور مستقبلي بين أمريكا و الشعوب العربية يؤسس لعلاقة جديدة بناء على اعتبار وتقدير القواسم المشتركة التي تربط المنطقة بأمريكا من خلال خلق دينامية ظرفية وجديدة تقوم على الاقتصاد و الأمن و التاريخ لحماية القيم وتقوية الأمة « الأمريكية « طبعا.

- الدفاع عن إسرائيل وحقها في الوجود ، وهو أمر يوضح أن لا شيء تغير في المواقف الأمريكية في ظل تغير الرؤساء ،كشف أيضا أن الإستراتيجية الأمريكية ورغم ادعاء حق الشعوب في الحرية ، وحقها في الوجود لا زالت تراوح مكانها ، بل وتلغي كل آمال في إزالة أسباب التوثر التي تعتبر إسرائيل من أسبابها الرئيسية ، علاوة على أن إعلان حق الدفاع عن إسرائيل وهو ما يعني الوقوف إلى جانب قوة غاشمة تواجهها قوات تحرير ترجع التوتر في المنطقة إلى استقواء إسرائيل على جيرانها ، الأمر الذي يؤكد أن الولايات المتحدة لن تنزع عنها عباءة الدفاع عن الدولة اليهودية ، إلا إذا أجبرت على ذلك تحت ردود فعل الشارع العربي الذي يقيم العلاقة مع أمريكا بالقدر الذي يؤهلها لان تلعب دور المنحاز.

-وفيما انتقد اوباما الزعيم معمرالقدافي الذي حسب رأيه يقود حربا ضد شعبه!! أومأ إلى الرئيس السوري بشار الأسد إلى أن يخرج عن طريق الانتقال (التنحي) . كما طالب بحقوق الشعب الإيراني التي اعتبرها أساسية وجوهرية في التحول في الشرق.

ثم أشار إلى ما يجري في اليمن والبحرين، معتبرا أن إيران تحاول استغلال التطورات مؤكدا على أن الاعتقالات تتعارض مع حقوق الشعب البحريني مقترحا حل الإشكال عن طريق الحوار الذي لايمكن أن يتم، وبعض أطراف الحوار في السجن.

وفي حال العراق أكد على أن هذا البلد يتقدم للعب درو مهم في المنطقة، متعهدا بالوقوف إلى جانب هذ البلد (ألا يكفي ما عاناه العراق منذ احتلاله) لتجنبه مخاطر النزاع الطائفي ( الذي غدا ها الوجود الأمريكي أصلا)، وشدد على ضرورة حل النزاع العربي الإسرائيلي محددا معالم الأزمة في الاستمرار في بناء المستوطنات، ويأمل دفع الفلسطينيين للحوار رافضا تقدم الفلسطينيين في اتجاه بناء الدولة الفلسطينية معولا على إنشاء دولتين بحدود فلسطينية دائمة مع إسرائيل والأردن ومصر، وحدود إسرائيلية دائمة مع فلسطين، وأن يتحقق ذلك على خطوط 1967 على أن تكون دولة فلسطين كيانا منزوع السلاح، وأن الخيار الذي يفرضه هذا المشكل المعقد يستدعي خيارا بين الكراهية والأمل، والتحرر من أغلال الماضي واختيار المستقبل.

حدد الخطاب إذن معالم آليات معالجة المشاكل التي تحظى بالاهتمام الأمريكي في إطار الدور الذي ستلعبه أمريكا في معايشتها للمستجدات ذات العلاقة بالعالم العربي، من خلال تصور استراتيجي مراوغ مبني على استقطاب الثورات والركوب على إنجازاتها، واختراق مؤسساتها، وإبداع أساليب جديدة لاتخرج قطعا عما يحقق أهداف وسياسة أمريكية مستقوية، مناهضة للعرب ومناصرة لإسرائيل، الشيء الذي سيصعب من مأمورية الرئيس الأمريكي الذي سيواجه مخططه (رغم هزاله) بالرفض الإسرائيلي المتماهي مع تاريخه الموغل في معاداة العرب.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير