إن منطقة الرحامنة منطقة غنية بالكثير من الخيرات المادية، وبتنوع الموارد البشرية، من نهر أم الربيع إلى نهر تانسيفت في اتجاه مراكش.
وقد أصيبت هذه المنطقة، ومنذ بداية الاحتلال الأجنبي، بالعديد من المتسلطين الذين أدخلوا سكانها في عمق التخلف الاقتصادي، والاجتماعي والثقافي والسياسي، ابتداء من المسمى القايد العيادي، ومرورا بكبور الشعيبي، ووصولا إلى عالي الهمة، الذي شرع في تغيير خريطة المنطقة السياسية، من منطقة الرحامنة التي صار يعتبرها مملكته الخاصة.
وأهم ما يميز هذه المنطقة، وعلى مدى عقود بأكملها، هو إفساد الحياة السياسية، وتربية السكان على قبول الذل والهوان وتقبيل الأيدي، ابتداء بتقبيل أيدي القائد العيادي، ومرورا بتقبيل أيدي كبور الشعيبي، وانتهاء بتقبيل أيدي عالي الهمة.
كما تميزت من خلال مختلف المحطات الانتخابية بقبول الحضور لإدارة السلطات المسئولة، التي توجه الناخبين إلى التصويت على شخص معين، إما لكونه قادرا على شراء ضمائر رجال السلطة، من العامل إلى المقدم، كما كان يحصل في عهد كبور الشعيبي، وإما لكونه صاحب نفوذ سياسي، بسبب قرابته، أو احتكاكه بالمؤسسة المخزنية، كما هو الشأن بالنسبة للعيادي وعالي الهمة.
وسواء تعلق الأمر بعهد القائد العيادي الذي لا زال يرهب أحفاد من حكمهم، أو بكبور الشعيبي، الذي لا زالت أثار البؤس المترتبة عن ممارسته اللا إنسانية المدعومة سلطويا، ومخزنيا، أو بعالي الهمة، الذي أغرى منطقة الرحامنة بالأحلام الوردية، حسب ما يروجه المهرولون في اتجاه مأواه، بعد مقدمه إلى الرحامنة، عندما ترشح لعضوية المجلس البلدي، الذي لم يوظفه إلا لإغراق منطقة الرحامنة في خلق المزيد من المتزلفين المختلفين فكريا، ومسلكيا.
وإذا كانت المنطقة عانت كثيرا من الويلات في مرحلة حكم القائد العيادي، الذي حولها إلى منطقة لإنتاج البؤس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، وفي أقبح صوره، فإن عمق هذا البؤس هو الذي أعد المنطقة لأن تصير مجالا لعبادة الأشخاص، الذين يسقطون من السماء، وكأنهم رسل إلى بشرية الرحامنة، كما حصل في عهد كبور الشعيبي، وكما يحصل في بداية عهد عالي الهمة.
إن مرحلة كبور هي مرحلة تكاد تكون مرحلة متميزة عن جميع المراحل الأخرى، السابقة، أو اللاحقة، نظرا لكونه كان يشكل الشخصية الإقطاعية المحورية، في منطقة الرحامنة، لأنه كان يشكل مصدر جميع الممارسات الإقطاعية المتخلفة، التي تجاوزت كل الحدود، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وهو ما جعل كبور مقصدا لكل متخلف، ولكل حامل لعاهة التخلف، من أجل أن يجعل من العلاقة معه منطلقا لتحقيق التطلعات الطبقية ذات الطابع الإقطاعي، وهذه المقصدية، التي طبعت مرحلة بكاملها، استغرقت أزيد من ثلاثين سنة، لتجني الجماهير الشعبية الكادحة المزيد من التخلف المتمثل في:
1- غياب تنمية حقيقية، اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ومدنية، وسياسية.
2- استمرار انتشار الأمية في صفوف النساء والرجال وفي صفوف الشباب والشابات.
3- استمرار تدني مستوى المعيشة في منطقة الرحامنة نظرا لغياب تنمية حقيقية متطورة.
4- استمرار انتشار البطالة، والبطالة المقنعة في صفوف أبناء سكان المنطقة خلال مرحلة كبور.
5- تسخير السكان، والجماعات المحلية، والموارد الجماعية لخدمة مصالح الإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي بامتياز، بزعامة كبور الشعيبي الذي كان يسمى غفارا.
6- التصرف في المداخيل الجماعية، وفي ممتلكات الجماعة، على أنها مداخيل كبور، وممتلكات كبور، مما يؤدي إلى حرمان الجماهير من تلك المداخيل، ومن الممتلكات التي كان يجب أن توظف لخدمتها.
وإذا كانت مرحلة كبور قد انتهت خلال التسعينات من القرن العشرين، فإن مرحلة أخرى تم الشروع في التأسيس لها، على أنها مرحلة جديدة، ومتطورة. وهذه المرحلة هي مرحلة عالي الهمة الذي انتهى به الأمر إلى اعتماد رمز التراكتور في انتخابات 7 شتنبر 2007. وسواء تعلق الأمر بكبور، أو التراكتور كرموز لتخلف منطقة الرحامنة، فإن "أور" التي ينتهي بها كل من الرمزين، لا تعني بالنسبة لمنطقة الرحامنة إلا خارج التاريخ، وخارج التاريخ لا تعني إلا المطلق. وبما أن الرحامنة، ومنذ حكم العيادي، لا تعرف إلا التخلف، فإن هذه المنطقة تعيش التخلف المطلق، حتى وإن كان المستلبون الكثر يجمعون بأن التراكتور يختلف عن كبور و يمكن أن يجلب إليهم التطور، فإننا نقول لهؤلاء المستلبين الكثر:
لو كان أصحاب التراكتور يسعون إلى خدمة الرحامنة، لفعلوا ذلك منذ زمن ليس ببعيد، عندما تبوأوا المسئوليات السيادية والأساسية في الدولة المخزنية، وبما أن هؤلاء – كامتداد للمؤسسة المخزنية، لا يمكن أن يلعبوا خارج شروط التقدم، والتطور بمفهومه المخزني المقلوب، فإنهم ارتأوا أن يسرقوا رغبة الرحامنة في التغيير عن طريق اعتماد ذلك الجيش العرمرم، من الوصوليين، والانتهازيين والإمعة، وأصحاب المصالح، والمتسلقين، وتجار المخدرات، ومستهلكيها، وبائعي الكحول، ومستهلكيها... إلى أخره، وبدعم من السلطات المسئولة، وعلى مرأى، ومسمع من الغادي والبادي، ومن الشعب الذي تم تضبيعه، والدفع به في اتجاه الهرولة نحو المرشح، الرمز المقدس الذي أريد له بأشكال التزوير الكثيرة، أن يتربع على عرش الرحامنة من النهر إلى النهر، لتصير الرحامنة فريسة للائحة التي لم تنل منها الملايير، التي عمل وكلاء لوائح أخرى على إهدارها على الناخبين، مقابل الوصول إلى البرلمان، من أجل امتلاك الحصانة اللازمة لضمان نهب ثروات الشعب المغربي.
فهل يمكن أن يعمل رمز التراكتور على إشاعة الرغبة في التغيير الفعلي لمنطقة الرحامنة؟
وما هو نوع هذا التغيير المنتظر من رمز التراكتور؟
وهل يستفيد منه الفقراء والمعدمون الذين يشكلون غالبية سكان منطقة الرحامنة؟
إن حاملي رمز التراكتور ليسوا إلا امتداد للمؤسسة المخزنية. والمؤسسة المخزنية بممارستها المعهودة هي التي وقفت، وتقف وراء إغراق المغرب في عمق التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لاعتمادها اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية. وما دام الأمر كذلك، فإن حاملي رمز التراكتور الذين تنصبوا على عرش منطقة الرحامنة، لا يمكن أن يعملوا على تغيير أي شيء في المنطقة اللهم إلا تكريس التخلف في مستوياته المختلفة، كما يظهر ذلك من خلال الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، التي لم تعد تعرف أي شكل من أشكال الاستقرار الذي يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.
وما دام المخزن يحتكر كل شيء لنفسه، فإن التراكتور لا يمكن أن يتجاوز وظيفته التي صنع من أجلها، وهي قلب الأرض الزراعية، وبما أن منطقة الرحامنة تعيش على التساقطات المطرية، وبما أن هذه التساقطات شحت بسبب الجفاف، فإن وظيفة التراكتور ستبقى معطلة. وتعطيل وظيفة التراكتور في ظل غياب التساقطات المطرية، لا يعني إلا تنظيم الهجرة من الأرض، وبيعها لأصحاب رؤوس الأموال الذين تحلقوا حول حاملي رمز التراكتور، للزيادة في غناهم، جزاء لهم على تحلقهم، وإمعانا في المزيد من إفقار منطقة الرحامنة.
ولذلك فالتغيير المنتظر في منطقة الرحامنة هو تغيير في الزيادة في اغتناء المهرولين نحو حاملي رمز التراكتور، في مقابل تعميق إفقار الفقراء الذين يعانون من كل الويلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وما دام الأمر كذلك، فإن الفقراء، والمعدمين الذين يشكلون غالبية سكان منطقة الرحامنة، سيزدادون فقرا.
فما الذي يجعل منطقة الرحامنة ـ هكذا ـ قابلة للتخلف، ومحتضنة له، وساعية إلى تكريسه، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؟
إن ما يجعل منطقة الرحامنة كذلك، هو وعي سكانها المقلوب، مما يجعلهم يحظون بالذل والهوان ويقبلون بتقبيل الأيدي، ويبيعون ضمائرهم، ويباركون تزوير إرادتهم، ولا ينساقون وراء الأمل، والمستقبل، بقدر ما ينخرطون في دهاليز الظلام بقيادة جحافل المهرولين القادمين من كل أصقاع الأرض، دعما لأي رمز من رموز التخلف التي تصير معتمدة في المنطقة، وعلى مدى عقود بأكملها، ومن كبور إلى التراكتور. فكبور أكل اللحم، والتراكتور سوف يمتص العظم، والوعي المقلوب يبقى عاجزا عن إدراك دينامية الأكل والامتصاص.
فالمهرولون الذين ساعدوا كبور على أكل لحم الرحامنة من النهر إلى النهر، هم أنفسهم المهرولون الذين سوف يساعدون حاملي رمز التراكتور على امتصاص عظامهم لتبقى الرحامنة عاجزة عن مسايرة ركب التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، منتظرة منقذا جديدا، كما كانت تنتظر المنقذ كبور الذي فعل بالرحامنة ما فعل، قبل أن يذهب إلى حال سبيله، كما انتظرت حاملي رمز التراكتور ليفعلوا بدورهم ما يفعلون ودون حياء.
فمن كبور إلى التراكتور يبقى وعي سكان منطقة الرحامنة مقلوبا وإلى أمد غير معلوم...!!!
09/09/2007
هذا الموضوع الذي تمت كتابته في التاريخ أعلاه، وتم نشره في الحوار المتمدن بتاريخ 11 / 9 / 2007، لم يطلع عليه الرئيس السابق للمجلس البلدي إلا بعد أن تم نسيانه تقريبا، ولما وجدته أمامي بتاريخ 24 / 5 / 2011 قدمت له التحية، كما أفعل مع كل السكان الذين أعرفهم، بادرني بالتهديد المبطن بالتصفية الجسدية، بنشري للموضوع أعلاه، واصفا إياي بأني أرغب في زعامة منطقة الرحامنة، التي لا يعرف سكانها معنى للزعامة، فانسحبت دون أن أجيبه على ما قال؛ لأنه لا يدرك ما معنى أن يوجه إلي التهديد المبطن.
ولذلك فإني أحمله مسؤولية ما قد أتعرض له مستقبلا، لكونه يخاطبني بعقلية الإقطاعي الذي يحن إلى عودة المجد الضائع، ليشرع من جديد في نهب ثروات سكان مدينة ابن جرير.
وأنا أعرف جيدا ما معنى أن يوجه إلي سليل الإقطاع تهديدا مبطنا؛ لأنه قد يسلط علي أحد المجرمين في يوم ما، ليقوم بتصفيتي الجسدية، ولا من رأى، ولا من سمع.
sihanafi@gmail.com محمد الحنفي
وقد أصيبت هذه المنطقة، ومنذ بداية الاحتلال الأجنبي، بالعديد من المتسلطين الذين أدخلوا سكانها في عمق التخلف الاقتصادي، والاجتماعي والثقافي والسياسي، ابتداء من المسمى القايد العيادي، ومرورا بكبور الشعيبي، ووصولا إلى عالي الهمة، الذي شرع في تغيير خريطة المنطقة السياسية، من منطقة الرحامنة التي صار يعتبرها مملكته الخاصة.
وأهم ما يميز هذه المنطقة، وعلى مدى عقود بأكملها، هو إفساد الحياة السياسية، وتربية السكان على قبول الذل والهوان وتقبيل الأيدي، ابتداء بتقبيل أيدي القائد العيادي، ومرورا بتقبيل أيدي كبور الشعيبي، وانتهاء بتقبيل أيدي عالي الهمة.
كما تميزت من خلال مختلف المحطات الانتخابية بقبول الحضور لإدارة السلطات المسئولة، التي توجه الناخبين إلى التصويت على شخص معين، إما لكونه قادرا على شراء ضمائر رجال السلطة، من العامل إلى المقدم، كما كان يحصل في عهد كبور الشعيبي، وإما لكونه صاحب نفوذ سياسي، بسبب قرابته، أو احتكاكه بالمؤسسة المخزنية، كما هو الشأن بالنسبة للعيادي وعالي الهمة.
وسواء تعلق الأمر بعهد القائد العيادي الذي لا زال يرهب أحفاد من حكمهم، أو بكبور الشعيبي، الذي لا زالت أثار البؤس المترتبة عن ممارسته اللا إنسانية المدعومة سلطويا، ومخزنيا، أو بعالي الهمة، الذي أغرى منطقة الرحامنة بالأحلام الوردية، حسب ما يروجه المهرولون في اتجاه مأواه، بعد مقدمه إلى الرحامنة، عندما ترشح لعضوية المجلس البلدي، الذي لم يوظفه إلا لإغراق منطقة الرحامنة في خلق المزيد من المتزلفين المختلفين فكريا، ومسلكيا.
وإذا كانت المنطقة عانت كثيرا من الويلات في مرحلة حكم القائد العيادي، الذي حولها إلى منطقة لإنتاج البؤس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، وفي أقبح صوره، فإن عمق هذا البؤس هو الذي أعد المنطقة لأن تصير مجالا لعبادة الأشخاص، الذين يسقطون من السماء، وكأنهم رسل إلى بشرية الرحامنة، كما حصل في عهد كبور الشعيبي، وكما يحصل في بداية عهد عالي الهمة.
إن مرحلة كبور هي مرحلة تكاد تكون مرحلة متميزة عن جميع المراحل الأخرى، السابقة، أو اللاحقة، نظرا لكونه كان يشكل الشخصية الإقطاعية المحورية، في منطقة الرحامنة، لأنه كان يشكل مصدر جميع الممارسات الإقطاعية المتخلفة، التي تجاوزت كل الحدود، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وهو ما جعل كبور مقصدا لكل متخلف، ولكل حامل لعاهة التخلف، من أجل أن يجعل من العلاقة معه منطلقا لتحقيق التطلعات الطبقية ذات الطابع الإقطاعي، وهذه المقصدية، التي طبعت مرحلة بكاملها، استغرقت أزيد من ثلاثين سنة، لتجني الجماهير الشعبية الكادحة المزيد من التخلف المتمثل في:
1- غياب تنمية حقيقية، اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ومدنية، وسياسية.
2- استمرار انتشار الأمية في صفوف النساء والرجال وفي صفوف الشباب والشابات.
3- استمرار تدني مستوى المعيشة في منطقة الرحامنة نظرا لغياب تنمية حقيقية متطورة.
4- استمرار انتشار البطالة، والبطالة المقنعة في صفوف أبناء سكان المنطقة خلال مرحلة كبور.
5- تسخير السكان، والجماعات المحلية، والموارد الجماعية لخدمة مصالح الإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي بامتياز، بزعامة كبور الشعيبي الذي كان يسمى غفارا.
6- التصرف في المداخيل الجماعية، وفي ممتلكات الجماعة، على أنها مداخيل كبور، وممتلكات كبور، مما يؤدي إلى حرمان الجماهير من تلك المداخيل، ومن الممتلكات التي كان يجب أن توظف لخدمتها.
وإذا كانت مرحلة كبور قد انتهت خلال التسعينات من القرن العشرين، فإن مرحلة أخرى تم الشروع في التأسيس لها، على أنها مرحلة جديدة، ومتطورة. وهذه المرحلة هي مرحلة عالي الهمة الذي انتهى به الأمر إلى اعتماد رمز التراكتور في انتخابات 7 شتنبر 2007. وسواء تعلق الأمر بكبور، أو التراكتور كرموز لتخلف منطقة الرحامنة، فإن "أور" التي ينتهي بها كل من الرمزين، لا تعني بالنسبة لمنطقة الرحامنة إلا خارج التاريخ، وخارج التاريخ لا تعني إلا المطلق. وبما أن الرحامنة، ومنذ حكم العيادي، لا تعرف إلا التخلف، فإن هذه المنطقة تعيش التخلف المطلق، حتى وإن كان المستلبون الكثر يجمعون بأن التراكتور يختلف عن كبور و يمكن أن يجلب إليهم التطور، فإننا نقول لهؤلاء المستلبين الكثر:
لو كان أصحاب التراكتور يسعون إلى خدمة الرحامنة، لفعلوا ذلك منذ زمن ليس ببعيد، عندما تبوأوا المسئوليات السيادية والأساسية في الدولة المخزنية، وبما أن هؤلاء – كامتداد للمؤسسة المخزنية، لا يمكن أن يلعبوا خارج شروط التقدم، والتطور بمفهومه المخزني المقلوب، فإنهم ارتأوا أن يسرقوا رغبة الرحامنة في التغيير عن طريق اعتماد ذلك الجيش العرمرم، من الوصوليين، والانتهازيين والإمعة، وأصحاب المصالح، والمتسلقين، وتجار المخدرات، ومستهلكيها، وبائعي الكحول، ومستهلكيها... إلى أخره، وبدعم من السلطات المسئولة، وعلى مرأى، ومسمع من الغادي والبادي، ومن الشعب الذي تم تضبيعه، والدفع به في اتجاه الهرولة نحو المرشح، الرمز المقدس الذي أريد له بأشكال التزوير الكثيرة، أن يتربع على عرش الرحامنة من النهر إلى النهر، لتصير الرحامنة فريسة للائحة التي لم تنل منها الملايير، التي عمل وكلاء لوائح أخرى على إهدارها على الناخبين، مقابل الوصول إلى البرلمان، من أجل امتلاك الحصانة اللازمة لضمان نهب ثروات الشعب المغربي.
فهل يمكن أن يعمل رمز التراكتور على إشاعة الرغبة في التغيير الفعلي لمنطقة الرحامنة؟
وما هو نوع هذا التغيير المنتظر من رمز التراكتور؟
وهل يستفيد منه الفقراء والمعدمون الذين يشكلون غالبية سكان منطقة الرحامنة؟
إن حاملي رمز التراكتور ليسوا إلا امتداد للمؤسسة المخزنية. والمؤسسة المخزنية بممارستها المعهودة هي التي وقفت، وتقف وراء إغراق المغرب في عمق التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لاعتمادها اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية. وما دام الأمر كذلك، فإن حاملي رمز التراكتور الذين تنصبوا على عرش منطقة الرحامنة، لا يمكن أن يعملوا على تغيير أي شيء في المنطقة اللهم إلا تكريس التخلف في مستوياته المختلفة، كما يظهر ذلك من خلال الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، التي لم تعد تعرف أي شكل من أشكال الاستقرار الذي يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.
وما دام المخزن يحتكر كل شيء لنفسه، فإن التراكتور لا يمكن أن يتجاوز وظيفته التي صنع من أجلها، وهي قلب الأرض الزراعية، وبما أن منطقة الرحامنة تعيش على التساقطات المطرية، وبما أن هذه التساقطات شحت بسبب الجفاف، فإن وظيفة التراكتور ستبقى معطلة. وتعطيل وظيفة التراكتور في ظل غياب التساقطات المطرية، لا يعني إلا تنظيم الهجرة من الأرض، وبيعها لأصحاب رؤوس الأموال الذين تحلقوا حول حاملي رمز التراكتور، للزيادة في غناهم، جزاء لهم على تحلقهم، وإمعانا في المزيد من إفقار منطقة الرحامنة.
ولذلك فالتغيير المنتظر في منطقة الرحامنة هو تغيير في الزيادة في اغتناء المهرولين نحو حاملي رمز التراكتور، في مقابل تعميق إفقار الفقراء الذين يعانون من كل الويلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وما دام الأمر كذلك، فإن الفقراء، والمعدمين الذين يشكلون غالبية سكان منطقة الرحامنة، سيزدادون فقرا.
فما الذي يجعل منطقة الرحامنة ـ هكذا ـ قابلة للتخلف، ومحتضنة له، وساعية إلى تكريسه، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؟
إن ما يجعل منطقة الرحامنة كذلك، هو وعي سكانها المقلوب، مما يجعلهم يحظون بالذل والهوان ويقبلون بتقبيل الأيدي، ويبيعون ضمائرهم، ويباركون تزوير إرادتهم، ولا ينساقون وراء الأمل، والمستقبل، بقدر ما ينخرطون في دهاليز الظلام بقيادة جحافل المهرولين القادمين من كل أصقاع الأرض، دعما لأي رمز من رموز التخلف التي تصير معتمدة في المنطقة، وعلى مدى عقود بأكملها، ومن كبور إلى التراكتور. فكبور أكل اللحم، والتراكتور سوف يمتص العظم، والوعي المقلوب يبقى عاجزا عن إدراك دينامية الأكل والامتصاص.
فالمهرولون الذين ساعدوا كبور على أكل لحم الرحامنة من النهر إلى النهر، هم أنفسهم المهرولون الذين سوف يساعدون حاملي رمز التراكتور على امتصاص عظامهم لتبقى الرحامنة عاجزة عن مسايرة ركب التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، منتظرة منقذا جديدا، كما كانت تنتظر المنقذ كبور الذي فعل بالرحامنة ما فعل، قبل أن يذهب إلى حال سبيله، كما انتظرت حاملي رمز التراكتور ليفعلوا بدورهم ما يفعلون ودون حياء.
فمن كبور إلى التراكتور يبقى وعي سكان منطقة الرحامنة مقلوبا وإلى أمد غير معلوم...!!!
09/09/2007
هذا الموضوع الذي تمت كتابته في التاريخ أعلاه، وتم نشره في الحوار المتمدن بتاريخ 11 / 9 / 2007، لم يطلع عليه الرئيس السابق للمجلس البلدي إلا بعد أن تم نسيانه تقريبا، ولما وجدته أمامي بتاريخ 24 / 5 / 2011 قدمت له التحية، كما أفعل مع كل السكان الذين أعرفهم، بادرني بالتهديد المبطن بالتصفية الجسدية، بنشري للموضوع أعلاه، واصفا إياي بأني أرغب في زعامة منطقة الرحامنة، التي لا يعرف سكانها معنى للزعامة، فانسحبت دون أن أجيبه على ما قال؛ لأنه لا يدرك ما معنى أن يوجه إلي التهديد المبطن.
ولذلك فإني أحمله مسؤولية ما قد أتعرض له مستقبلا، لكونه يخاطبني بعقلية الإقطاعي الذي يحن إلى عودة المجد الضائع، ليشرع من جديد في نهب ثروات سكان مدينة ابن جرير.
وأنا أعرف جيدا ما معنى أن يوجه إلي سليل الإقطاع تهديدا مبطنا؛ لأنه قد يسلط علي أحد المجرمين في يوم ما، ليقوم بتصفيتي الجسدية، ولا من رأى، ولا من سمع.
sihanafi@gmail.com محمد الحنفي