HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الـمعارضة الكامنـة


مولاي احمد الادريسي
الخميس 28 أبريل 2011




الـمعارضة الكامنـة

يتعدد أسلوب المعارضة بتعدد التيارات الحزبية والهيئات المدنية التي تشكل إلى حد ما المواقف المعلنة التي تحتضنها تلك الأحزاب و تلك الهيئات . ما يدفع أساسا إلى بروز هذه الإتجاهات هو إما الشغف بممارسة حق من حقوق الرأي يضمنه الدستور وكما تدعو إليه الأعراف، فالمنظمات الحزبية والهيئات الحقوقية تسعى جميعا إلى ممارسة ما يطلق عليه المعارضة، انطلاقا من إيمان كل منها بجد وانية المشروع الذي تدافع عنه، قد يكون حداثيا من خلال الدعوة إلى الديمقراطية، وقد يكون غوغائيا تتحكم فيه شروط معينة ومرجعيات تستمد روحها ومادتها من أدبيات بعض اليسار
الذي قد يكون جله قد عفا عنه الدهر باعتبار تصارع القوى المهيمنة على حلبة الصراع الفكري عبر الخريطة السياسية العالمية باعتبار أن الفكر الإنساني يشتغل راهنا على مستوى ما بعد الحداثة ،وقد يكون مرجعية دينية تختلف من طيف إلى آخر ، بحكم الزمن والعوامل المتحكمة في هذا الاتجاه أو ذلك.

تفرز هذه التيارات معارضة معلنة تتكيف وتكيف المرحلة حسب الإستراتيجية التي يؤمن بها كل تيار وكل هيئة تماشيا مع اللعبة السياسية التي تتحكم فيها ضوابط يوجهها الهاجس الأمني وتوجه الرأي إلى مناطق الضوء التي تمكن التوجهات وفق بوصلة الدولة أو من يمثلها.

تماشيا مع هذا المنهج بدء المعارضة كاشفة عن إستراتجية في مكاشفة تترجمها البيانات والمواقف مدا وجزرا، وفق مراعاة ميزان القوى الذي يكون غالبا مضادا لطموحات هذه القوى ،أو ملبيا لامتيازات بعضها ممن يهمها اخذ العصا من الوسط، والعيش على فتات الموائد السياسية التي غالبا ما تفرز أنماطا من السياسيين أو السياسيون الذين يفهمون السياسة ممارسة قد تتحول إلى ريع يحقق مكاسب مادية صرفة أدناها المناصبية التي تحول ممارسي السياسة إلى عناكب تتعيش من النخاسة السياسية بدءا من الترحال،ومرورا بتغيير الجلود،ووصولا إلى الاستوزار، أو تدبير الشأن
المحلي، مثل هذه الطفيليات السياسية تؤدي في الغالب إلى معارضة باهتة وضبابية تؤول إلى ثقل يحول دون تقدم مسار السياسة ببلادنا.

في الواجهة الأخرى تتمركز معارضة فاعلة ونشيطة تؤطر نفسها بنوع من الكتمان إما لكونها لاتتق في ممارسة السياسة داخل الأحزاب أو لكونها جربت ، وتيقنت أن العمل السياسي داخل أغلب الأحزاب مجرد تزجية للوقت وقتل للفراغ. هذه الفئة التي تختزن ذاكرتها مشاهد مأسوية للواقع من حولها، يبدو أنه من الصعب عليها أن تبدي رأيها بالمكشوف، ولكنها تعمد تخزين أمر لايسهل محوه من ذاكرتها هذه الذاكرة التي قد تتحول في يوم من الأيام إلى مواقف قد لا تنفع معها الهراوات ولا حتى الدبابات وخير دليل على ذلك ما شاهدناه في تونس ، ومصر ،وما نشاهده اليوم في اليمن
وليبيا، وما قد نشاهده غدا بالجزائر قطعا فإن مثل هذه المعارضة التي تحركها عوامل تجاوزت حدود الخوف، وحدود عسكرة المواقف، هي المعارضة الصامتة التي لايأبه بها أحد، ولاتوضع ضمن أجندة المتوقع والمرتقب ، وأنها بكل تأكيد ستحول صمتها إلى هدير يخلخل الذاكرة. ويستقي منها آليات تغيير الواقع بإصرار وعزيمة تفل الحديد قبل أن تفل الأنظمة الاستبدادية.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير