HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

انتخابات 7 شتنبر 2007 وممارسة الانبطاح في أبشع صوره (1)


ذ. محمد الحنفي
الثلاثاء 15 فبراير 2011




انتخابات 7 شتنبر 2007 وممارسة الانبطاح في أبشع صوره (1)
وبعد وقوفنا على دواعي صيرورة الانبطاح ممارسة انتهازية، نصل إلى محطة الانطلاق في اتجاه ممارسة الانبطاح اللا محدود. وهذه المحطة تختلف عن سابقاتها شكلا، ومضمونا، مما أدى، ويؤدي، وسيؤدي إلى خلط المزيد من الأوراق، لا بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، ولا بالنسبة للأحزاب السياسية، التي صارت تفقد قيمتها الانتخابية لا على مستوى عدد الأصوات التي حصلت عليها، ولا على مستوى عدد الدوائر الانتخابية التي فازت فيها، ونوعية تلك الدوائر، وعدد البرلمانيين، ونوعيتهم أمام ما جرى في منطقة الرحامنة على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص.

فإذا كانت هذه الانتخابات مختلفة فعلا على سابقاتها، فلأنها تتميز ب:

1) الإعلان عن استقالة الأستاذ فؤاد عالي الهمة من منصبه كوزير منتدب لدى وزارة الداخلية. فهذه الاستقالة أريد لها مخزنيا، وجماهيريا، وعمليا، أن تكون بمثابة المفاجأة التي أذهلت الجميع، بما في ذلك وسائل الإعلام المسموعة، والمرئية، والمقروءة، التي وجدت نفسها أمام الانشغال بظاهرة اسمها ظاهرة فؤاد عالي الهمة، الذي صار، بفعل ما تقوم به وسائل الإعلام تلك، حديث العام، والخاص، دون تمييز بينهما، مما جعل هذه الاستقالة، في حد ذاتها، معجزة القرن الواحد والعشرين، الأمر الذي رفع أسهم الأستاذ فؤاد عالي الهمة إلى ما فوق التصور، الذي يمكن أن يتصوره أي ذهن، وكأنه قام بعمل خارج المنظومة المخزنية، وكأنه لم يكن من الأقطاب المخططين، والمنفذين للخطة المخزنية في المغرب، وخارج المغرب، وكأن ما قام به الأستاذ فؤاد عالي الهمة يتناقض جملة، وتفصيلا، مع الخطة المخزنية المرسومة في إطار ما صار يعرف ب "العهد الجديد"، الذي لا يتجاوز أن يكون عهدا قديما ـ جديدا.

وتزداد استقالة الأستاذ فؤاد عالي الهمة أهمية، على مستوى المفاجأة، عندما يتم ربط الاستقالة، المباركة مخزنيا، بالرغبة في الترشيح في انتخابات 7 شتنبر 2007 بدائرة الرحامنة الانتخابية، التي تضم مسقط رأسه، لينبهر المغاربة جميعا بذلك، ليستيقظ هواة ممارسة الانبطاح في دائرة الرحامنة، وفي غيرها من مناطق المغرب، وعلى المستوى العالمي، من غفوتهم، ليقوموا مهرولين، بأحمال تطلعاتهم الطبقة، في اتجاه الانبطاح أمام الأستاذ فؤاد عالي الهمة، الذي اعتبر مالكا للمفاتيح السحرية، لحلول جميع المشاكل الاقتصادية، والإجتماعية، والثقافية، والسياسية: الفردية، والجماعية، وخارج المنظومة المخزنية. مع أن ما يجرى في الواقع، يثبت كله: أن الأستاذ فؤاد عالي الهمة، ليس إلا رجل دولة بامتياز، يترشح للانتخابات البرلمانية، وبهذه الصفة، كما تؤكده ذالك ممارسات وسائل الإعلام المختلفة، وفورة السلطات الإقليمية، والمحلية، وتحرك أجهزة المقدمين، والشيوخ، وتوظيف الممتلكات الجماعية المختلفة، وعلى مستوى دائرة الرحامنة، لخدمة تحركاته المختلفة، في إطار ما يسمى بحملته الانتخابية، التي صرفت فيها مئات الملايين، ليتفوق بذلك على كل من يستغل الانتخابات، لشراء الأخضر، واليابس، من الضمائر المختلفة، ولتصير نتائج الانتخابات محسوبة لصالح لائحته، حتى قبل موعد الاقتراع، بسبب التفريخ اللا منتظر للمنبطحين، الذين يتوهم كل واحد منهم أنه، بانبطاحه أمام الأستاذ فؤاد عالي الهمة، سيصير من عليه القوم، كما يقول الأقدمون، ومن كبراء البلد، كما يقول المصريون، وسيتحول إلى بورجوازي كبير، يملك من متاع الدنيا ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت.

فاليقظة المفاجئة للمنبطحين، والهرولة نحو تقديم قربان الانبطاح، شكل المفاجأة الثانية، بعد الاستقالة المفاجئة، الأمر الذي أذهل الرأي العام، والخاص، نظرا لبشاعة مناظر المنبطحين الفاغرين أفواههم انتظارا لما قد يجود به الأستاذ فؤاد عالي الهمة من نعم الامتيازات الآنية، والمستقبلية لصالحهم، غير متسائلين عن إمكانيات الأستاذ فؤاد عالي الهمة نفسه.

2) ونظرا لأن هؤلاء المنبطحين يسعون إلى التقرب أكثر من الأستاذ فؤاد عالي الهمة، فإنهم يهرولون في اتجاه إقامة تنظيمات على مستوى دائرة الرحامنة، لتنظيم الانبطاح المحلي، والوافد في نفس الوقت، ومن اجل احتلال مكانة خاصة لدى المؤسسة المخزنية، وأجهزتها المحلية، والإقليمية، ومن أجل أن تحظى بالأولوية لدى المنبطح له، حتى يتمكن أعضاء تلك التنظيمات من استغلال الرأسمال المعنوي المخزني للأستاذ فؤاد عالي الهمة، لتنمية علاقتهم بالأجهزة الإدارية المخزنية: السلطوية، والجماعية، لتحقيق مكاسب خاصة، تعود عليهم بالمزيد من الثروات الهائلة، التي تنقلهم إلى مستوى التصنيف إلى جانب البورجوازية التابعة، أو إلى جانب الإقطاع المتبرجز.

ذلك أن تكوين التنظيمات، لم يسع في الأصل إلى تنظيم الجماهير الشعبية الكادحة، وقيادتها لتنظيم نضالاتها المطلبية الهادفة إلى رفع الحيف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بسبب تكريس الاستبداد المخزني على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بقدر ما يسعى إلى تنظيم الانبطاح المحلي، والوافد، وتوسيع قاعدته، إلى أن تم إجراء الانتخابات، لتتفرغ تلك التنظيمات، إن استمرت في الوجود، لزراعة الوهم بمجيء الجنات التي تجري من تحتها الأنهار إلى منطقة الرحامنة، وإلى المغرب، على أيدي المنبطح له: الأستاذ فؤاد عالي الهمة، الذي لم يتحرك يوما خارج الانتماء إلى المؤسسة المخزنية، ودون قيام الأجهزة الإدارية بتنظيم استقباله، والإشراف على تحركاته، باعتباره ركيزة مخزنية، تتفانى في تقديم الخدمات الكبيرة إلى المؤسسة المخزنية، التي ترتدي طابع الخدمات العامة لصالح جماهير منطقة الرحامنة، وفي إطار ديمقراطية الواجهة، حتى يتم تضليل هذه الجماهير، لتنساق وراء تنظيمات المنبطحين، ولتجد نفسها، في نهاية المطاف، مبتلاة بممارسة الانبطاح الجماعي.

ولذلك، كان من اللازم فضح الخلفيات التي وقفت وراء هيكلة تنظيمات المنبطحين، الذين لا يملكون إلا، ولا ذمة، من ماء الوجه، الذي يدعوهم إلى الحياء من الجماهير، حتى تنتبه الجماهير إلى خطورة ما تمارسه هذه التنظيمات على مستقبلها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

فتنظيمات المنبطحين لم تتصد للزيادة في الأسعار، بقدر ما تحرك كراكيزها للقبول بتلك الزيادة،التي تقررت في دهاليز المؤسسة المخزنية،وأجهزتها المختلفة، خدمة مصالح الطبقة الحاكمة،التي يعد الأستاذ فؤاد عالي ألهمة أحد أعمدتها.

3) وكامتداد للإرادة المخزنية في ترشيح الأستاذ فؤاد عالي الهمة، قيام الآلة المخزنية بتحريك أجهزة المقدمين، والشيوخ، ورجال السلطة، ورؤساء الجماعات المحلية، للدفع بالجماهير الشعبية الكادحة لممارسة الانبطاح أمام الأستاذ فؤاد عالي الهمة، وأمام كامرات الدنيا، حتى يبنى رأي عام في المنطقة الرحمانية، وعلى المستوى العالمي، والوطني، بأن إجماعا يقوم حول شخص الأستاذ فؤاد عالي الهمة، الذي يتحول إلى إجماع حول الطبقة الحاكمة، وحول المؤسسة المخزنية.

فالانتخابات التي جرت في 7شتنبر 2007، وضحت، بما فيه الكفاية، أن ما يجري في الانتخابات بصفة عامة، وفي دائرة الرحامنة بصفة خاصة، هو من صنع أجهزة الإدارة المخزنية، ابتداء بالمقدمين، والشيوخ، ومرورا برؤساء المكاتب الانتخابية، والقواد، والباشاوات، والعمال، وانتهاء بوزارة الداخلية. ولا علاقة له بإرادة المواطنين، كما توضح كل ذلك من خلال تجند هؤلاء جميعا مع لائحة التراكتور، التي قادها الأستاذ فؤاد عالي الهمة، الأمر الذي أدى، بطبيعة الحال، إلى فوز اللائحة بنسبة 100في المائة، وخسران اللوائح الأخرى بنسبة 100في المائة. ولولا التوطئة المخزنية، وتدخل الأجهزة الإدارية المخزنية، وعلى أعلى المستويات الوطنية، والإقليمية ولولا الأموال الطائلة، التي أهدرت على تلك الحملة، ولولا الدفع بالتحالف البورجوازي الإقطاعي من أجل الانحشار وراء لائحة التراكتور، ولولا تجند مكاتب الجماعات المحلية، وتسخير الممتلكات الجماعية المختلفة، في حملة لائحة التراكتور، لكان واقع هذه اللائحة شيئا آخر، لذلك لا نستغرب تجند الآلة المخزنية، بكل مكوناتها، وفي مختلف مستوياتها إلى جانب لائحة التراكتور، الأمر الذي عزز، وقوى ممارسات المنبطحين، الذين وجدوا لأنفسهم الشرعية في كل ذلك.

ولذلك كان من المفروض في المناضلين الأوفياء لهذا الشعب الأبي، أن يعملوا على فضح الممارسة، وتشريحها، بقطع النظر عما يمكن أن تقود إليه من آثار ايجابية بالنسبة للطبقة الحاكمة، وبقطع النظر عن إحداث تنمية لصالح التحالف الطبقي المستغل للطبقة العاملة، ولسائر الكادحين.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير