حق كبار السن في الاسلام والمواثق الدولية
بمناسبة اليوم الدولي لحقوق المسنين، والذي يصادف الذكرى الثلاثة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، أعددنا هذا الموضوع لشريحة عظمها الله سبحانه وتعالى وأهملها المسئولون.
ــ إن مراحل نمو الإنسان وفقاً لأكثرية علماء النفس والأطباء هي طفولة، شباب ، كهولة و شيخوخة ، وإن الحياة عبارة عن مراحل فلا يمكن للإنسان أن يكون خالدا ، لذا فإنه يمر بمراحل الطفولة والبلوغ والشباب ثم الشيخوخة .
قال تعالى :
" اللّهُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوّةٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوّةٍ ضَعْفاً
وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ " ( الروم )
ــ ألمسن : هو الشخص الضعيف الذي يحتاج إلى رعاية غيره بسبب امتداد عمره ومرافقة صفات الشيخوخه له من مرض أو ضعف أو عجز..
ــ الشيخوخة :
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي
" يا ابن آدم الشيب نور من نوري وإني أستحي أن أعذب نوري بناري فاستحي مني".
فالشيخوخة نوعين، شيخوخة قبل الأوان ( الشيخوخة المبكرة ) وشيخوخة الكبر .
ــ فشيخوخة الكبر عملية بيولوجية ، تقترن بالاستهلاك التدريجي للأعضاء والتغيرات الحيوية التي تطرأ على الجسم كمرحلة من مراحل الحياة . فتمتد فترة الشيخوخة عشرات السنين تقترن بمشاكل نفسية واجتماعية وصحية واقتصادية بأبعادها المؤثرة والمتأثرة .
وعلي هذا يتفق الكثيرون علي تعريف الشيخوخة بأنها مرحلة العمر بتقدم في السن والتي تبدأ فيها الوظائف الجسدية والعقلية والنفسية في التدهور بصورة أكثر وضوحاً مما كانت عليه في الفترات السابقة من العمر . قال صلى الله عليه وسلم
" خيركم من طال عمره وحسن عمله .. وشركم من طال عمره وساء عمله "
وقال الشاعر:
إن المشيب رداء الحلم والأدب كما الشباب رداء اللهو واللعب
ويدعمه في رأيه آخر بقوله:
وما كل أيام المشيب مريرة ولا كأيام الشباب عذاب
ـ فلنحسن أعمالنا ونقوم بها بكل شعور وإحساس ونستمتع بها ونشكر المولى - عز وجل – الذي منحنا العمر ويسر لنا العمل الخيري . وقال صلى الله عليه وسلم :
" إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم " ( رواه أبو داوود والبيهقي )
ـــ من الأسباب
1) تقدم في العمر
ــ اختلفت الآراء وتضاربت في تعريف المسن ؟ وهل هو الذي بلغ من العمر سنا معيناً 65 عاماً مثلاُ فأكثر ؟ أو هو الذي تبدو عليه آثار تميزه بكبر السن ؟ أو هم تحديداً من تجاوزوا الخمسين سنة فما فوق أو تقاعدوا عن العمل ؟ أوهم من تقدم بهم السن وشعروا بالعجز .
ـــ مثلا سن التقاعد خلق مشاكل جديدة تتعلق بتحقيق الذات ، وبحقوقهم كبشر وفي شعورهم بتدني المستوى المعيشي ، وعدم ملائمته لصحتهم ورفاهيتهم وإقصائهم من الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية وتهميشهم في الحياة اليومية حيث يجعلهم يشعرون بعدم الأمان في تقدم السن ، هذا ما توصل إليه العلماء عموماً بأن التقاعد هو أمر سلبي .
2) التدهور الصحي :
ــ قال تعالى : ﴿ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ﴾ (مريم)
ــ تعتبر أمراض الشيخوخة أكثر خطورة لضعف مقاومة الجسم لدى المسن وشدة تأثره وضعفه فيظهر لديه أمراضاً ومشكلات جسدية مثل أمراض القلب والشرايين وهشاشة العظام والكسور والجهاز البولي والدموي وضعف في النضر والأمراض الجلدية والحسية . وغيرها
ــ حيث يعاني المسن من ضعف جسمي عام في الإحساس والعضلات والنشاط الجسمي الداخلي ، منها النفسية التي نتجت عنها مشكلات ذهنية فكرية نتيجة لضعف الحواس وضعف الانتباه وعدم القدرة على التركيز ، وضعف الذاكرة وتشتتها وسرعة النسيان مما يبدو شبيهاً بالوسوسة أو الهلوسة
الوقاية والعلاج :
ــ لقد سبق الإسلام بوضع الاجراءات الوقائية من مشكلات الشيخوخة .
. قال الرسول صلى الله عليه وسلم " اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك "
ـــ وللمسن نفسه دور في تخفيف حدة الأعراض المصاحبة لها
قال صلى الله عليه وسلم: (خذ من شبابك لهرمك ومن صحتك لمرضك).
وهذا يعني أن يعد المرء العدة المناسبة ليعيش صحيحا معافيا في الكبر بان يحافظ على صحته في شبابه ويرعاها ويجنبها ما يضرها ، وان يحافظ على نشاطه بمداومة الحركة المفيدة- كممارسة الرياضة، وان يتحرى التغذية الجيدة التي تمد جسمه بما يحتاج دون إفراط أو نقصان
ــ ويشمل علاج مشكلات الشيخوخة العلاج الطبي والعلاج النفسي ويهدف هذا الأخير إلى تحقيق الأمن النفسي والانفعالي ، وتحقيق عزة النفس . بشعوره بالحب والتعايش والتكافل بما تبقى له من قوى لإسعاده
وذلك بالاهتمام لملئ وقت الفراغ بتنمية اهتماماته وميوله ، ووسائل التسلية والمشاركة الجمعوية لتأهيله نفسيا واجتماعياً مما يساعده بتحقيق التوافق النفسي ، انخراطه بالأندية التي تعد خصيصاً للتغلب على مشكلة التقاعد التي أصبحت في عصرنا الراهن آفة للبعض .
ــ كما يتطلب ذلك عناية صحية متواصلة ودقيقة بالمحافظة على استمرار الصحة والتكيف الأفضل على توفير الشروط العامة التي تعطي الفرد قوة عملية لمواجهة الظروف الصعبة
التكافل الاجتماعي :
أوجب الإسلام على احترام وتوقير كبار السن وحث الأولاد ببر الوالدين والإحسان إليهم ورسخه في نفوس الأمة فالتركيز على ذلك يساعد في الوقاية من بعض المشاكل النفسية للمسن .
قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (الإسراء )
قال صلى الله عليه وسلم ٍ" ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر " ( رواه الترمذي ).
قال صلى الله عليه وسلم " ما أكرم شاب شيخاً من أجل سنه إلا قيض الله له عند سنه من يكرمه ( رواه الترمذي ) .. .
ـ أما في مجتمعاتنا الأكثر التزاماً بالنواحي الدينية فإننا نجد أن كبر السن يصاحبه ارتفاع في المكانة ويعامل المسن بالتبجيل والاحترام والتوقير حيث أن المسن باق بشكل محترم ومكرم بين أهله وذويه ويكون نموذجاً يحتذي في السلوك للأجيال داخل هذه الأسر ، ويكون ناقلاً للقيم والثقافة بين الأجيال ، مفيداً في حكمته وخبرته للمجتمع بجميع شرائحه .
واجبات الدولة والمجتمع :
ــ يشهد العالم تحركاً واهتماماً لكبار السن ( الشيخوخ )، حيث يتزايد عدد المسنين كل سنة ومنهم المحالون على التقاعد ، فهم يشكلون تحدياً كبيراً وبالأخص مما تعانيه هذه الشريحة المهمة من أمراض صحية وبيئية وأخرى متعلقة بالفقر والإهمال والتهميش والإقصاء واللامبالاة ، من نقص كبير في تقديم الخدمات والرعاية الخاصة في الحقوق الاقتصادية والصحية والاجتماعية والثقافية..
ليس باعتبارهم فئة تبعية تلقي بثقلها على المجتمع، بل باعتبارهم مجموعات قدمت خدمات كبرى للحياة السياسية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية لوطنها وما زالت تستطيع ان تقدم ذلك.
• ــ وإذا كان الإسلام قد حرص على صون كرامة الإنسان في كل مراحل عمره، وقد عني عناية على تنظيم العلاقات الأسرية والاجتماعية على أساس من العدل والمساواة والتعاون والإخاء والحرمة والمحبة والمودة والسكينة والعطف والتضامن والتساند والتكافل والوحدة والاتحاد
وعليه يجب الاهتمام برعاية المسن ومساعدته على روح التفاؤل والأمان بوضع إستراتيجية هادفة لتحسين وتحصين النظام الاجتماعي الاقتصادي الصحي ، فالشيخوخة لا تعد بالعمر الزمني فقط .
كما يجب تشجيع المسن على البحث والاطلاع حتى نبقي ذاكرته متنبهة ، ونشجعه على تحديد أهداف للمستقبل يسعى لتحقيقها ، ونحثه على السعي لذلك ، لأن لديه ثراء شخصي علمي بالخبرة الذاتية ، يفهم الحياة فهماً واقعياً ويدرك الحياة بعيداً عن الخيال وبواقعية عملية . حيث أن أكابر العلماء خير إنتاجهم الفكري في هذه المرحلة . كما أشار التاريخ لعدد من الصحابة الذين ظلوا في حالة عطاء حتى آخر لحظة أمثال أنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر وغيرهم و أشار القرآن الكريم إلى أنبياء تقدمت بهم السن كإبراهيم عليه السلام وزكريا ونوح عليهم السلام .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَفي ِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ،فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا؛ فَلْيَغْرِسْها ).
• ـــ وفي المواثيق الدولية منها الأمم المتحدة حيث أصدرت العديد من الوثائق التي تسعى إلى تقديم المبادئ وتحديد الأهداف والسياسات الكفيلة برعاية المسنين ومن أهمها:
1- تقديم الدعم إلى البلدان في وضع الأهداف الوطنية بشأن الشيخوخة.
2- توليد الدعم لإدماج المسنين في الخطط والبرامج الإنمائية الوطنية والدولية.
3- توليد الدعم للبرامج المجتمعية لرعاية ومشاركة كبار السن.
4- تحسين البحوث الشاملة لعدة بلدان بشأن الشيخوخة بما في ذلك المواءمة بين المصطلحات
والمنهجيات.
5- إدراج بند عن الشيخوخة في الأحداث والاجتماعات الدولية ذات الصلة.
6- إنشاء شبكة عالمية للمتطوعين من كبار السن من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية . 7- تيسير زيادة توثيق التعاون بين المنظمات الحكومية والغير الحكومية المعنية بالشيخوخة.
هذا بعد مخاض عسير وطويل منه :
ــ مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في مدريد ( من 8 إلى 12 أبريل 2002م )خطة عمل لمعالجة مشاكل المسنين في مختلف بلدان العالم،
ــ عام 1982 اعتمدت الجمعية العالمية للشيخوخة عل خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة الهامة في اجتماع لمندوبي 124 دولة، (تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق كبار السن ) وهي تتضمن 62 توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ــ عام 1983 رفعت منظمة الصحة العالمية شعار( فلنضف الحياة إلى سنين العمر)
ــ عام 1984 توصية المؤتمر الدولي الذي انعقد في مكسيكوستي ( ضرورة الاهتمام بالمسنين )
ــ عام 1988 تأكيد المؤتمر الدولي في فينا على قواعد المشروع التنموي العملي المتعلق بالمسنين مشيرا للسياسات المتعلقة بالشيخوخة وتنفيذها هما حق مطلق ومسؤولية لكل دولة
ــ عام 1991، اعتمدت الجمعية العامة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن والخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
ــ عام 1992م أكد المؤتمر الآسيوي الرابع الذي انعقد في جزيرة بالي (سياسة التأهيل في جميع سني العمر لمرحلة الشيخوخة) كالإعفاء من الضرائب .
ــ تقرر الإعلان بعام 1999 السنة الدولية لكبار السن، اعترافا ببلوغ البشرية (سن النضج) ...
ــ في عام 1995 في كوبنهاجن أوصى حكومات الدول ببذل مساعي خاصة في حماية المسنين وتهيئة الظروف اللازمة لتمكينهم من ان يعيشوا حياة صحيحة ، مع استغلال مهاراتهم وقدراتهم التي اكتسبوها في حياتهم استغلالاً كاملاً بما يعود بالفائدة على المجتمع، بضمان الأمن المالي وإيجاد الجو الاقتصادي المساعد لتأمين مرحلة الشيخوخة والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضدهم .
ــ وهكذا يتبين أن المواثيق والخطط الصادرة عن الأمم المتحدة في طريقها إلى استعادة التكريم والتبجيل والرعاية الضرورية للمسنين من خلال آليات حديثة من المؤمل أن تؤدي فعلا إلى ما يطمح الجميع لتحقيقه من أهداف إنسانية نبيلة، وبالأخص نحن المسلمون .
إعداد : صالح مظيجي متقاعد بالجديدة وفاعل جمعوي
ــ إن مراحل نمو الإنسان وفقاً لأكثرية علماء النفس والأطباء هي طفولة، شباب ، كهولة و شيخوخة ، وإن الحياة عبارة عن مراحل فلا يمكن للإنسان أن يكون خالدا ، لذا فإنه يمر بمراحل الطفولة والبلوغ والشباب ثم الشيخوخة .
قال تعالى :
" اللّهُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوّةٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوّةٍ ضَعْفاً
وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ " ( الروم )
ــ ألمسن : هو الشخص الضعيف الذي يحتاج إلى رعاية غيره بسبب امتداد عمره ومرافقة صفات الشيخوخه له من مرض أو ضعف أو عجز..
ــ الشيخوخة :
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي
" يا ابن آدم الشيب نور من نوري وإني أستحي أن أعذب نوري بناري فاستحي مني".
فالشيخوخة نوعين، شيخوخة قبل الأوان ( الشيخوخة المبكرة ) وشيخوخة الكبر .
ــ فشيخوخة الكبر عملية بيولوجية ، تقترن بالاستهلاك التدريجي للأعضاء والتغيرات الحيوية التي تطرأ على الجسم كمرحلة من مراحل الحياة . فتمتد فترة الشيخوخة عشرات السنين تقترن بمشاكل نفسية واجتماعية وصحية واقتصادية بأبعادها المؤثرة والمتأثرة .
وعلي هذا يتفق الكثيرون علي تعريف الشيخوخة بأنها مرحلة العمر بتقدم في السن والتي تبدأ فيها الوظائف الجسدية والعقلية والنفسية في التدهور بصورة أكثر وضوحاً مما كانت عليه في الفترات السابقة من العمر . قال صلى الله عليه وسلم
" خيركم من طال عمره وحسن عمله .. وشركم من طال عمره وساء عمله "
وقال الشاعر:
إن المشيب رداء الحلم والأدب كما الشباب رداء اللهو واللعب
ويدعمه في رأيه آخر بقوله:
وما كل أيام المشيب مريرة ولا كأيام الشباب عذاب
ـ فلنحسن أعمالنا ونقوم بها بكل شعور وإحساس ونستمتع بها ونشكر المولى - عز وجل – الذي منحنا العمر ويسر لنا العمل الخيري . وقال صلى الله عليه وسلم :
" إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم " ( رواه أبو داوود والبيهقي )
ـــ من الأسباب
1) تقدم في العمر
ــ اختلفت الآراء وتضاربت في تعريف المسن ؟ وهل هو الذي بلغ من العمر سنا معيناً 65 عاماً مثلاُ فأكثر ؟ أو هو الذي تبدو عليه آثار تميزه بكبر السن ؟ أو هم تحديداً من تجاوزوا الخمسين سنة فما فوق أو تقاعدوا عن العمل ؟ أوهم من تقدم بهم السن وشعروا بالعجز .
ـــ مثلا سن التقاعد خلق مشاكل جديدة تتعلق بتحقيق الذات ، وبحقوقهم كبشر وفي شعورهم بتدني المستوى المعيشي ، وعدم ملائمته لصحتهم ورفاهيتهم وإقصائهم من الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية وتهميشهم في الحياة اليومية حيث يجعلهم يشعرون بعدم الأمان في تقدم السن ، هذا ما توصل إليه العلماء عموماً بأن التقاعد هو أمر سلبي .
2) التدهور الصحي :
ــ قال تعالى : ﴿ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ﴾ (مريم)
ــ تعتبر أمراض الشيخوخة أكثر خطورة لضعف مقاومة الجسم لدى المسن وشدة تأثره وضعفه فيظهر لديه أمراضاً ومشكلات جسدية مثل أمراض القلب والشرايين وهشاشة العظام والكسور والجهاز البولي والدموي وضعف في النضر والأمراض الجلدية والحسية . وغيرها
ــ حيث يعاني المسن من ضعف جسمي عام في الإحساس والعضلات والنشاط الجسمي الداخلي ، منها النفسية التي نتجت عنها مشكلات ذهنية فكرية نتيجة لضعف الحواس وضعف الانتباه وعدم القدرة على التركيز ، وضعف الذاكرة وتشتتها وسرعة النسيان مما يبدو شبيهاً بالوسوسة أو الهلوسة
الوقاية والعلاج :
ــ لقد سبق الإسلام بوضع الاجراءات الوقائية من مشكلات الشيخوخة .
. قال الرسول صلى الله عليه وسلم " اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك "
ـــ وللمسن نفسه دور في تخفيف حدة الأعراض المصاحبة لها
قال صلى الله عليه وسلم: (خذ من شبابك لهرمك ومن صحتك لمرضك).
وهذا يعني أن يعد المرء العدة المناسبة ليعيش صحيحا معافيا في الكبر بان يحافظ على صحته في شبابه ويرعاها ويجنبها ما يضرها ، وان يحافظ على نشاطه بمداومة الحركة المفيدة- كممارسة الرياضة، وان يتحرى التغذية الجيدة التي تمد جسمه بما يحتاج دون إفراط أو نقصان
ــ ويشمل علاج مشكلات الشيخوخة العلاج الطبي والعلاج النفسي ويهدف هذا الأخير إلى تحقيق الأمن النفسي والانفعالي ، وتحقيق عزة النفس . بشعوره بالحب والتعايش والتكافل بما تبقى له من قوى لإسعاده
وذلك بالاهتمام لملئ وقت الفراغ بتنمية اهتماماته وميوله ، ووسائل التسلية والمشاركة الجمعوية لتأهيله نفسيا واجتماعياً مما يساعده بتحقيق التوافق النفسي ، انخراطه بالأندية التي تعد خصيصاً للتغلب على مشكلة التقاعد التي أصبحت في عصرنا الراهن آفة للبعض .
ــ كما يتطلب ذلك عناية صحية متواصلة ودقيقة بالمحافظة على استمرار الصحة والتكيف الأفضل على توفير الشروط العامة التي تعطي الفرد قوة عملية لمواجهة الظروف الصعبة
التكافل الاجتماعي :
أوجب الإسلام على احترام وتوقير كبار السن وحث الأولاد ببر الوالدين والإحسان إليهم ورسخه في نفوس الأمة فالتركيز على ذلك يساعد في الوقاية من بعض المشاكل النفسية للمسن .
قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (الإسراء )
قال صلى الله عليه وسلم ٍ" ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر " ( رواه الترمذي ).
قال صلى الله عليه وسلم " ما أكرم شاب شيخاً من أجل سنه إلا قيض الله له عند سنه من يكرمه ( رواه الترمذي ) .. .
ـ أما في مجتمعاتنا الأكثر التزاماً بالنواحي الدينية فإننا نجد أن كبر السن يصاحبه ارتفاع في المكانة ويعامل المسن بالتبجيل والاحترام والتوقير حيث أن المسن باق بشكل محترم ومكرم بين أهله وذويه ويكون نموذجاً يحتذي في السلوك للأجيال داخل هذه الأسر ، ويكون ناقلاً للقيم والثقافة بين الأجيال ، مفيداً في حكمته وخبرته للمجتمع بجميع شرائحه .
واجبات الدولة والمجتمع :
ــ يشهد العالم تحركاً واهتماماً لكبار السن ( الشيخوخ )، حيث يتزايد عدد المسنين كل سنة ومنهم المحالون على التقاعد ، فهم يشكلون تحدياً كبيراً وبالأخص مما تعانيه هذه الشريحة المهمة من أمراض صحية وبيئية وأخرى متعلقة بالفقر والإهمال والتهميش والإقصاء واللامبالاة ، من نقص كبير في تقديم الخدمات والرعاية الخاصة في الحقوق الاقتصادية والصحية والاجتماعية والثقافية..
ليس باعتبارهم فئة تبعية تلقي بثقلها على المجتمع، بل باعتبارهم مجموعات قدمت خدمات كبرى للحياة السياسية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية لوطنها وما زالت تستطيع ان تقدم ذلك.
• ــ وإذا كان الإسلام قد حرص على صون كرامة الإنسان في كل مراحل عمره، وقد عني عناية على تنظيم العلاقات الأسرية والاجتماعية على أساس من العدل والمساواة والتعاون والإخاء والحرمة والمحبة والمودة والسكينة والعطف والتضامن والتساند والتكافل والوحدة والاتحاد
وعليه يجب الاهتمام برعاية المسن ومساعدته على روح التفاؤل والأمان بوضع إستراتيجية هادفة لتحسين وتحصين النظام الاجتماعي الاقتصادي الصحي ، فالشيخوخة لا تعد بالعمر الزمني فقط .
كما يجب تشجيع المسن على البحث والاطلاع حتى نبقي ذاكرته متنبهة ، ونشجعه على تحديد أهداف للمستقبل يسعى لتحقيقها ، ونحثه على السعي لذلك ، لأن لديه ثراء شخصي علمي بالخبرة الذاتية ، يفهم الحياة فهماً واقعياً ويدرك الحياة بعيداً عن الخيال وبواقعية عملية . حيث أن أكابر العلماء خير إنتاجهم الفكري في هذه المرحلة . كما أشار التاريخ لعدد من الصحابة الذين ظلوا في حالة عطاء حتى آخر لحظة أمثال أنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر وغيرهم و أشار القرآن الكريم إلى أنبياء تقدمت بهم السن كإبراهيم عليه السلام وزكريا ونوح عليهم السلام .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَفي ِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ،فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا؛ فَلْيَغْرِسْها ).
• ـــ وفي المواثيق الدولية منها الأمم المتحدة حيث أصدرت العديد من الوثائق التي تسعى إلى تقديم المبادئ وتحديد الأهداف والسياسات الكفيلة برعاية المسنين ومن أهمها:
1- تقديم الدعم إلى البلدان في وضع الأهداف الوطنية بشأن الشيخوخة.
2- توليد الدعم لإدماج المسنين في الخطط والبرامج الإنمائية الوطنية والدولية.
3- توليد الدعم للبرامج المجتمعية لرعاية ومشاركة كبار السن.
4- تحسين البحوث الشاملة لعدة بلدان بشأن الشيخوخة بما في ذلك المواءمة بين المصطلحات
والمنهجيات.
5- إدراج بند عن الشيخوخة في الأحداث والاجتماعات الدولية ذات الصلة.
6- إنشاء شبكة عالمية للمتطوعين من كبار السن من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية . 7- تيسير زيادة توثيق التعاون بين المنظمات الحكومية والغير الحكومية المعنية بالشيخوخة.
هذا بعد مخاض عسير وطويل منه :
ــ مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في مدريد ( من 8 إلى 12 أبريل 2002م )خطة عمل لمعالجة مشاكل المسنين في مختلف بلدان العالم،
ــ عام 1982 اعتمدت الجمعية العالمية للشيخوخة عل خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة الهامة في اجتماع لمندوبي 124 دولة، (تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق كبار السن ) وهي تتضمن 62 توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ــ عام 1983 رفعت منظمة الصحة العالمية شعار( فلنضف الحياة إلى سنين العمر)
ــ عام 1984 توصية المؤتمر الدولي الذي انعقد في مكسيكوستي ( ضرورة الاهتمام بالمسنين )
ــ عام 1988 تأكيد المؤتمر الدولي في فينا على قواعد المشروع التنموي العملي المتعلق بالمسنين مشيرا للسياسات المتعلقة بالشيخوخة وتنفيذها هما حق مطلق ومسؤولية لكل دولة
ــ عام 1991، اعتمدت الجمعية العامة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن والخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
ــ عام 1992م أكد المؤتمر الآسيوي الرابع الذي انعقد في جزيرة بالي (سياسة التأهيل في جميع سني العمر لمرحلة الشيخوخة) كالإعفاء من الضرائب .
ــ تقرر الإعلان بعام 1999 السنة الدولية لكبار السن، اعترافا ببلوغ البشرية (سن النضج) ...
ــ في عام 1995 في كوبنهاجن أوصى حكومات الدول ببذل مساعي خاصة في حماية المسنين وتهيئة الظروف اللازمة لتمكينهم من ان يعيشوا حياة صحيحة ، مع استغلال مهاراتهم وقدراتهم التي اكتسبوها في حياتهم استغلالاً كاملاً بما يعود بالفائدة على المجتمع، بضمان الأمن المالي وإيجاد الجو الاقتصادي المساعد لتأمين مرحلة الشيخوخة والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضدهم .
ــ وهكذا يتبين أن المواثيق والخطط الصادرة عن الأمم المتحدة في طريقها إلى استعادة التكريم والتبجيل والرعاية الضرورية للمسنين من خلال آليات حديثة من المؤمل أن تؤدي فعلا إلى ما يطمح الجميع لتحقيقه من أهداف إنسانية نبيلة، وبالأخص نحن المسلمون .
إعداد : صالح مظيجي متقاعد بالجديدة وفاعل جمعوي