كم خطوة وسنة، تحتاج الرواية الرسمية، كي تستعيد مصداقيتها، بعد أن عصفت بها تصريحات مغرضة، و"سيناريوهات" بئيسة، حاكها من يرجح مصالحه الشخصية على مصالح البلد العليا؟
إن علاقة الدولة بالمواطن تشبه حد التماثل، علاقة شخصين تجمعهما الثقة المتبادلة، التي ما أن ينتفي شرط وجودها، حتى يصبح الطلاق مصيرها المحتوم.
ولعل المتتبع لتفاعل الشارع المغربي مع الأخبار والقضايا المصيرية، المرتبطة باستقرار البلد وأمنه، سيسجل باندهاش كبير حجم اليتم والعزلة، التي باتت تعيشها الرواية الرسمية في الأيام الأخيرة الماضية.
عزلة أذكتها، من جهة، عوامل خارجية، تمثلت في سقوط القناع، عن الخطاب الرسمي العربي، بعد انكشاف زيف الاتهامات، التي وظفت ضد احتجاجات المتظاهرين في الشوارع، وذلك حين اتهم بن علي، ومبارك، والقدافي، المنتفضين على حكمهم بالإرهابيين والخونة، بحيث أن أي نسخ للسيناريو ذاته، أو إسقاط للغة نفسها، على المغرب، من قبيل اتهام المطالبين بإعمال الديمقراطية، بالعمالة لـ"البوليساريو"، أو وصفهم بـ"وكالين رمضان"، أو"الخرافيين"، يجعل المغاربة يحسون أنهم ليسو استثناء في الجغرافية العربية، كما يذكرهم بالسيناريو المصري، والتونسي، والليبي، "لاقدر الله".
ومن جهة أخرى، ساهمت التصريحات المهزوزة، التي قدمتها بعض الجهات الرسمية، في وقت سابق من قضايا عالقة في تعميق أزمة مصداقية الخطاب الرسمي، مثل إنكار وجود معتقل تمارة، والتأكيد على التدخل الحضاري لرجال الأمن في بعض المسيرات، كان أفضحها ما وقع يوم 15 ماي الماضي، وكذا التصريحات الرسمية بخصوص وفاة الشهيد كمال العماري، وكيف أنكر الخطاب الرسمي على الأخير انتماءه لحركة 20 فبراير، رغم أن الصور الحية الموثقة كانت تسير في اتجاه مناقض للرواية الرسمية، إضافة إلى مهزلة الأرقام الخيالية، التي تقدمها "لاماب" الذراع الإعلامي للدولة، بخصوص عدد المتظاهرين المؤيدين للدستور في مسيرات الأحد، في حين تحجم كليا عن ذكر المسيرات المناوئة للدستور.
أما آخر "البركات" والمسرحيات الهزيلة، فهو عندما أوحى أحد خريجي المدرسة "البصراوية"، لأئمة المساجد بالنزول إلى الرباط يوم الأحد 17 يوليو الجاري، تحت مسوغ لقاء "سيدنا" وتلاوة القرآن بالضريح، ليجد المغرر بهم، أنفسهم فجأة، أمام مواجهة حركة 20 فبراير بالشارع، في مشهد أقل ما يمكن أن يوصف به، بأنه مشهد حقير ومهين، كمهانة مبدعه.
لقد كان لهذا اللعب "الباسل" وتلك التصريحات المكشوفة، مفعول في ما قبل ، عندما كانت الدولة وحدها تتحكم في الصورة والإعلام، أما اليوم فقد بات ذلك مستحيلا، لأن "نقرة" على الحاسوب، تنقل للمواطن حقيقة الأحداث، وتكشف له زيف التصريحات، وتغنيه عن الرواية الرسمية.
إن المصيبة العظمى التي تواجهها الرواية الرسمية اليوم، هو أن المواطن المغربي بكثرة تواتر زيف التصريحات وحبك السيناريوهات المضللة، لم يعد يثق في الخطاب الرسمي، فأصبح مشككا في كل شئ، حتى ولو كان هناك فعلا أخبار صادقة تنبأ بخطر محدق بأمن البلاد واستقرارها.
ويبدو أن وضع الدولة اليوم ومصير مصداقيتها، يشبه إلى حد بعيد ما وقع لذلك الشخص، الذي كان يتظاهر مزاحا بالغرق مع أصدقائه في البحر، وعندما كانوا يهمون إلى إنقاذه يكتشفون بأنه يكذب عليهم، غير أن الأمر لما غدا جديا، و طالب الغريق أصدقاءه بالإنقاذ، لم يلتفتوا إليه لأنه فقد مصداقيته سلفا.
إن مصداقية الرواية الرسمية، هي الضمانة الحقيقية لنجاح أي رهان ديمقراطي معلن، وهي الركيزة الأساسية للأي تعايش اجتماعي أو سياسي، إذ لا يمكن لدولة أن تعيش وتستمر، بدون ثقة مواطينيها في رواياتها، مهما بلغت درجة همجية "بلطجيتها"، أو زاد استعدادها الأمني لمواجهة الاحتجاجات، ومهما تقاطرت الإشادات والضمانات، التي يمكن أن تتلقاها من هنا أوهناك.
إن علاقة الدولة بالمواطن تشبه حد التماثل، علاقة شخصين تجمعهما الثقة المتبادلة، التي ما أن ينتفي شرط وجودها، حتى يصبح الطلاق مصيرها المحتوم.
ولعل المتتبع لتفاعل الشارع المغربي مع الأخبار والقضايا المصيرية، المرتبطة باستقرار البلد وأمنه، سيسجل باندهاش كبير حجم اليتم والعزلة، التي باتت تعيشها الرواية الرسمية في الأيام الأخيرة الماضية.
عزلة أذكتها، من جهة، عوامل خارجية، تمثلت في سقوط القناع، عن الخطاب الرسمي العربي، بعد انكشاف زيف الاتهامات، التي وظفت ضد احتجاجات المتظاهرين في الشوارع، وذلك حين اتهم بن علي، ومبارك، والقدافي، المنتفضين على حكمهم بالإرهابيين والخونة، بحيث أن أي نسخ للسيناريو ذاته، أو إسقاط للغة نفسها، على المغرب، من قبيل اتهام المطالبين بإعمال الديمقراطية، بالعمالة لـ"البوليساريو"، أو وصفهم بـ"وكالين رمضان"، أو"الخرافيين"، يجعل المغاربة يحسون أنهم ليسو استثناء في الجغرافية العربية، كما يذكرهم بالسيناريو المصري، والتونسي، والليبي، "لاقدر الله".
ومن جهة أخرى، ساهمت التصريحات المهزوزة، التي قدمتها بعض الجهات الرسمية، في وقت سابق من قضايا عالقة في تعميق أزمة مصداقية الخطاب الرسمي، مثل إنكار وجود معتقل تمارة، والتأكيد على التدخل الحضاري لرجال الأمن في بعض المسيرات، كان أفضحها ما وقع يوم 15 ماي الماضي، وكذا التصريحات الرسمية بخصوص وفاة الشهيد كمال العماري، وكيف أنكر الخطاب الرسمي على الأخير انتماءه لحركة 20 فبراير، رغم أن الصور الحية الموثقة كانت تسير في اتجاه مناقض للرواية الرسمية، إضافة إلى مهزلة الأرقام الخيالية، التي تقدمها "لاماب" الذراع الإعلامي للدولة، بخصوص عدد المتظاهرين المؤيدين للدستور في مسيرات الأحد، في حين تحجم كليا عن ذكر المسيرات المناوئة للدستور.
أما آخر "البركات" والمسرحيات الهزيلة، فهو عندما أوحى أحد خريجي المدرسة "البصراوية"، لأئمة المساجد بالنزول إلى الرباط يوم الأحد 17 يوليو الجاري، تحت مسوغ لقاء "سيدنا" وتلاوة القرآن بالضريح، ليجد المغرر بهم، أنفسهم فجأة، أمام مواجهة حركة 20 فبراير بالشارع، في مشهد أقل ما يمكن أن يوصف به، بأنه مشهد حقير ومهين، كمهانة مبدعه.
لقد كان لهذا اللعب "الباسل" وتلك التصريحات المكشوفة، مفعول في ما قبل ، عندما كانت الدولة وحدها تتحكم في الصورة والإعلام، أما اليوم فقد بات ذلك مستحيلا، لأن "نقرة" على الحاسوب، تنقل للمواطن حقيقة الأحداث، وتكشف له زيف التصريحات، وتغنيه عن الرواية الرسمية.
إن المصيبة العظمى التي تواجهها الرواية الرسمية اليوم، هو أن المواطن المغربي بكثرة تواتر زيف التصريحات وحبك السيناريوهات المضللة، لم يعد يثق في الخطاب الرسمي، فأصبح مشككا في كل شئ، حتى ولو كان هناك فعلا أخبار صادقة تنبأ بخطر محدق بأمن البلاد واستقرارها.
ويبدو أن وضع الدولة اليوم ومصير مصداقيتها، يشبه إلى حد بعيد ما وقع لذلك الشخص، الذي كان يتظاهر مزاحا بالغرق مع أصدقائه في البحر، وعندما كانوا يهمون إلى إنقاذه يكتشفون بأنه يكذب عليهم، غير أن الأمر لما غدا جديا، و طالب الغريق أصدقاءه بالإنقاذ، لم يلتفتوا إليه لأنه فقد مصداقيته سلفا.
إن مصداقية الرواية الرسمية، هي الضمانة الحقيقية لنجاح أي رهان ديمقراطي معلن، وهي الركيزة الأساسية للأي تعايش اجتماعي أو سياسي، إذ لا يمكن لدولة أن تعيش وتستمر، بدون ثقة مواطينيها في رواياتها، مهما بلغت درجة همجية "بلطجيتها"، أو زاد استعدادها الأمني لمواجهة الاحتجاجات، ومهما تقاطرت الإشادات والضمانات، التي يمكن أن تتلقاها من هنا أوهناك.