على امتداد ما يزيد على ثلاثة اشهر تقريبا بلغ الى علم السكان والمسؤولين على حد سواء الزيارة المرتقبة لجلالة الملك محمد السادس الى مدينة ابن جرير عاصمة اقليم الرحامنة الفتي ، فانطلقت اوراش الترميم والاصلاح والتزيين بكل الطرقات والشوارع الهامة حتى تكون ابهى وفي حالة الحدث . ومع تأكيد خبر الزيارة الملكية يوم الجمعة 9 نوفمبر 2012 حسب مصادر مطلعة تحولت المدينة المتهالكة اقتصاديا واجتماعيا الى ورش كبير في اقامة الحدائق وبناء الطرق واعادة الهيكلة قبل الاوان والقيام باشغال جد طارئة تسهر عليها السلطات الاقليمية بنفسها ، واذا كان ذلك لا يخرج عن السياق العام الذي ينهجه غيرهم من المسؤولين في جهات اخرى من المملكة بمناسبة الزيارات الملكية لمدنهم ، حيث كانت الاشغال هنا وهناك تسير بايقاع الفرحة المزدوجة للسكان والمسؤولين ... حركة غير عادية للشاحنات والاليات ... اعلام وطنية وصور جلالة الملك ومصابيح في كل الاشكال والالوان تضفي على المدينة رونقا لم تشهده في وقت سابق ، فتلكم عادة مكتسبة وكل مدينة تحظى بزيار الملك فان الاشجار تنبث في رمشة عين والحفر المزمنة في الطرقات تغلق في جنح الظلام وتطلى الجدران الباهتة بالصباغة وتكنس الشوارع وتتحول في غفلة سكانها الى مرايا عاكسة لحقيقة مزيفة توحي للملك ان كل الاشياء في المغرب تسير على احسن ما يرام .
فحدث الزيارة الملكية لابن جرير وشغف سكان المنطقة بجلالة الملك يعوضان التهميش وجميع مظاهر الحرمان حين اطلاع جلالته هناك على عدد من المشاريع التنموية التي سيتم انجازها تنفيذا للمشروع المجتمعي الذي دخله المغرب بقيادة جلالة الملك .
وسبق للمدينة ان عاشت افراحا ومسرات طيلة ايام الزيارتين الملكيتين السابقتين خلال سنتي 2008 و2009 حيث اعطى جلالة الملك انطلاقة مجموعة من المشاريع الاستثمارية للمكتب الشريف للفوسفاط ، كما تراس حفل تقديم برنامج تاهيل وتنمية منطقة الرحامنة وتوقيع عدد من الاتفاقيات التنموية ومواكبة جلالته للمشاريع التنموية المنجزة وتدشينه لاوراش ذات بعد واجتماعي واقتصادي بالمنطقة .
ان مدينة ابن جرير مازالت تعاني من فقر شبه مطلق في بنياتها التحتية الضرورية بالرغم من ان المنطقة تتوفر على طاقة فوسفاطية ترشحها ان تكون اكثر تقدما ، فهي لا تعرف أي نشاط صناعي يذكر ، فان جل ممكنات الارتقاء الى مستوى المدينة بكل مقاييسها الحضارية ما زالت مستبعدة حتى يومنا هذا ، فهل لنا ان نحلم بالخلاص من براتين احزمة الفقر وبالسكن الاقتصادي اللائق والمتنفسات الترفيهية ، والا فاين نحن من تنمية مفقودة لاننا في مدينة صغيرة مازالت تبحث عن بطاقة هوية ، ان منجم الفوسفاط لم يحمل لساكنة المنطقة عموما وخصوصا مدينة ابن جرير الشيء الكثير على مستوى تحسين وضعيتهم الاجتماعية والدليل على ذلك نسبة الفقر التي حطمت الرقم القياسي في المنطقة وخاصة بالبادية لتبقى حقائق الازمة الاجتماعية جاثمة على ساكنة المنطقة الفوسفاطية عوض تبوأ الصدارة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا سيما الثروة الفوسفاطية الهامة بالمنطقة التي تقاس بالبترول ومع ذلك فمعضلة البطالة جد متفاقمة نتيجة ضعف مساهمة مكتب الفوسفاط في تنمية المنطقة الفوسفاطية ، فكم هو مخزي لهذا المنتسب لهذه الرقعة الجغرافية الحق في ان توفر له سبل العيش الكريم المنسجم مع طموحاته ومع التطور الذي تعرفه عجلة التنمية المتسارعة ،
وان كان وضعها هذا يجعلها على الهامش فتبقى للمدينة اهميتها بالنظر لحظورها في التاريخ .ولموقعها الوازن ، وان ما ينتظره السكان هو ان يعاد لها الاعتبار تصحيحا لما ضاع منها وتاريخ المنطقة .
.