HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الثقة لا تعود بالوعود!


بقلم: محمد عصام
الجمعة 24 نونبر 2017




الثقة لا تعود بالوعود!
الحقيقة المرة التي لا يدريها الفاسدون، أن غالبية الشعب متذمرة، غالبية الشعب أصابها القرف من الحال الذي وصلت إليه الأمة، بفعل قانون مفروض يحفظ في أولوياته مصالح خاصة لا المصالح العامة، وسياسة متبعة تروم في أولوياتها الحفاظ على حقوق خاصة لا الحقوق العامة وميز حاصل فعلا وطبقية تتكرس وتتجدر بين الشعب.

وللعلم المعلوم، فالشعب محافظ فلن تستطيع أية قوة في الأرض أن تبيد هويته تماما، العاطفة حولها جياشة، إذا تحركت نحوها السياسة ونبشت فيها ولو قليلا، أسرعت إليها وعانقتها بالأحضان.

حقيقة، لا ينسب إلى ساكت قول، ولكن في السياسة، السكوت قول وقول بليغ، فقد مرت سنوات على الشعب وهو يتعرض للترويض والتطويع والتركيع والتجويع والتخضيع، حتى ألف كل ذلك وتعايش معه وساير، حتى صارت كل القيم لديه معكوسة: نتكلم عن الإسلام ولا نلمس تحكيما له في حياتنا، نتكلم عن العدل وعن العدالة ولا نشعر بوجود لهما على الإطلاق بيننا، نقر بوجود الفساد وندعي محاربته ونأتيه في نفس الآن، وهلماجرا من المتناقضات، قيل، فاض الكأس، وما عادت كل الحيل تجدي، لا المحلية ولا المستوردة، الطوفان قادم، ما العمل؟ وعلى عجل، وردت الجرعة الأخيرة من الخارج، ترقيع قوانين هنا وهناك، فجاءت كالثوب المخيط بشريط فانتخابات نزيهة هذه المرة ومسموح لكل الطاقات والأفكار بالمشاركة فلا إقصاء، وذلك عكس ما سبق، وما سبق بالطبع وراءه مجرمون، وأنه الاعتراف والاعتراف سيد الأذلة، ولا محالة يسجل الشعب هذا الإقرار في ذاكرته للقادم من الأيام من المحاكمات للطغاة فقد ينكرون ويتذكرون.

ما زاد الطين بلة، رؤوس مذمومة مألوفة، نفسها أطلت على الشعب من أوكارها، ترمقه وتعده دون حياء ولا خجل، جرت عليه البؤس بما فعلت في ماضيه، واغتنت على حسابه، وصارت طبقة تعلوه، وصار هو تحت أقدامها تدوسه… فلقد زاحموا الملك في ملكه، فاتخذ كل منهم من دائرته مملكة له، يتحكم في سلطتها ويتحكم في سكانها ويتحكم في خيراتها.. واليوم غير مبالين يعاودون الكرة وسط الصياح بالحذر من الطوفان القادم، جراء تراكم الفساد بالبلاد وبين العباد، يمطرون الوعود هنا وهناك ظنا منهم أن الشعب سيثق بهم كالسابق، وقد لدغ الشعب من جحورهم مرات، وصبر للجبروت حتى تسنح له الفرصة للتمرد عليه إلى ما لا نهاية وحيث لا رجعة..

الثقة لا تعود بالوعود، بل بوضع الحدود وفرض القيود، فلو أريد التغيير فعلا، فهل نساء الأمة عقرن على إنجاب الأبطال حتى يتوارث مقاعد البرلمان أنجاس في معظمهم، فلم لا يحرم ما زاد عن ولاية واحدة، حتى تضطر الأحزاب إلى إنتاج مرشحيها من الشباب باستمرار ومن سبق بولاية يتوارى إلى الخلف يؤطر القادمين للمسؤولية، ولو أريد التغيير فعلا، فهل اللذين يشترون التزكيات من الأحزاب المقاولاتية بالملايين الطائلة، بمحقين في الإعفاء من الضرائب عن مشاريعهم واستثماراتهم تقاعدهم..؟ وهل هم محقون في التعويضات الشهرية وغير الشهرية الضخمة التي تمنح لهم من أموال الشعب؟ فلم لا يتم اختبارهم في وطنيتهم ونضاليتهم، بتجريدهم من كل الامتيازات التي تضر مالية الشعب، وبدل إنفاقهم الأموال الطائلة في الحملات، تنظيمها وتأطيرها، بإعداد منصات عمومية بكل مكان، وتقسيم ساعات الخطابة عليهم، وتيسير الإعلام لهم بعدل ونظام، ليوضحوا برامجهم ومواقفهم..

هذا لو كانت السياسة سياسة فعلا، ولمصلحة الوطن، المحيط حولها تحركه روح عالية تتنافى في حب الهوية والذود عنها، بدءا بالأرض وانتهاء بالعرض، وبدءا بالوطن وانتهاء بالعالم. فيفتح الأفق لكل الطاقات لتظهر وتستعد لتحمل المسؤولية، حتى لا يعلو صوت على صوت الإنتاج، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فتتحرك العجلة نحو التقدم من تلقاء نفسها، ولن يكون هناك ظالم ومظلوم وقاهر ومقهور ومستضعف ومستبد بل عدالة اجتماعية، التخمة مذمومة والجوع محرم.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير