HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة
تصفحوا العدد 331 من جريدة حقائق جهوية الكترونيا pdf





اليوم الوطني للمقاومة.. تجسيد لعظمة الكفاح الوطني وقيم الوفاء لأرواح شهداء الحرية والاستقلال


حقائق بريس
الاربعاء 18 يونيو 2014




اليوم الوطني للمقاومة.. تجسيد لعظمة الكفاح الوطني وقيم الوفاء لأرواح شهداء الحرية والاستقلال
يخلد الشعب المغربي، وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم18يونيو 2014، الذكرى 61 لليوم الوطني للمقاومة، الذي يقترن بذكرى استشهاد البطل محمد الزرقطوني، والذكرى 59 للوقفة التاريخية لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس أمام قبر الشهيد، استحضارا لملاحم البطولة وتضحيات شهداء الكفاح الوطني في سبيل الاستقلال والوحدة الترابية، وتجسيدا لقيم الوفاء لأرواحهم الطاهرة.
وكانت مدينة الدارالبيضاء، مهد المقاومة والتحرير، قلعة كبرى للنضال، وفي هذا الصدد انطلقت المظاهرات الشعبية وأعمال المقاومة الفدائية لتزعزع أركان الوجود الاستعماري، وتضرب مصالحه، حيث تكونت خلايا ومنظمات المقاومة المسلحة بهذه المدينة وبمثيلاتها من مدن المغرب وقراه بإسهام شباب متحمس هب لإعلاء راية الوطن وفاء لشعار المغرب الخالد: «الله، الوطن، الملك».
وكان الشهيد محمد الزرقطوني أحد هؤلاء المقاومين الأفذاذ، والرموز الخالدين، الذين أسسوا لانطلاق المقاومة وتخطيط أهدافها وتعزيز تنظيماتها، حيث كان بطلا من أبطال الكفاح المجيد، حريصا على تقوية تنظيمات المقاومة وامتداداتها، عاملا بكل جهده بتنسيق وتخطيط مع رفاقه في النضال دفاعا عن مقدسات الوطن، إلى أن لقي ربه شهيدا يوم 18 يونيو1954، إثر اعتقاله من طرف سلطات الحماية حيث فضل هذا البطل الفذ الشهادة حفاظا على أسرار المقاومة وتضحية من أجل استمرارها، معطيا بذلك المثال على روحه الوطنية الصادقة، وتفانيه في الدفاع عن مقدسات وطنه، هذه الروح الخالدة التي جسدها الشهداء الأبرار عبر كل جهات المغرب والمقاومون وأعضاء جيش التحرير الأفذاذ، متحملين كل الشدائد إيمانا بحرية بلادهم واستقلالها وصيانة مقوماتها.
وقد تكللت الملحمة الكبرى لثورة الملك والشعب بالعودة المظفرة لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس محفوفا برفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية الشريفة من المنفى في 16 نونبر1955، وإعلان بشرى انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال.
وأبى جلالة المغفور له محمد الخامس إلا أن يجعل يوم 18 يونيو 1954 يوما للمقاومة والتذكير والاعتزاز بتضحيات كل الشهداء، الذين استرخصوا أرواحهم فداء للوطن، حيث قام بوقفته التاريخية يوم 18 يونيو 1956 أمام قبر الشهيد الزرقطوني مجسدا قيم الإكبار لتضحيات الشهداء والاعتزاز بنضالات المقاومة، و قال إن «الشعب المغربي مفطور على الاعتراف بالجميل، ولن ينسى عمل أولئك الذين كان لهم فضل المقاومة، سواء بالسلاح أو اللسان أو المال، وإنه لجدير بذكرى المكافحين أمثال محمد الزرقطوني، وعلال بن عبد الله، أن يخصص لهم يوم يكون أحد أيامنا المشهودة لتكون ذكرى لائقة بنضالهم ناطقة بعظمة كفاحهم».
وأضاف مشيدا بملاحم المقاومة «لقد كنا في منفانا، شهد الله، نتلهف شوقا إلى أخبار مقاومة أبطالنا، فكانت هي أنسنا في نهارنا، وسمرنا في ليلنا، وكان يقيننا راسخا في أن تلك المقاومة، وقد كنا أول من حمل مشعلها، ستظل تستفحل يوما بعد يوم حتى تستأصل جذور الباطل، وها نحن اليوم نستظل بدوحة الحرية، التي غرسناها وسقاها فدائيون بزكي دمائهم».

محمد الزرقطوني.. مقاوم تحول استشهاده إلى ذكرى وطنية


ان ذكرى 18 يونيومن كل سنة تؤرخ لاستشهاد الناشط الوطني في خلايا المقاومة المغربية السرية للاستعمار الفرنسي، محمد الزرقطوني الذي آثر تناول حبة سم على أن يكشف أسرار الخلايا السرية آنذاك عندما تم القبض عليه من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية.
الميلاد
في 1927 سيرى محمد الزرقطوني النور بالدار البيضاء التي كانت محضنا لقيادات بارزة من الحركة الوطنية، ليكبر ويترعرع وسط الوطنيين الحقيقيين ويحتك بأذناب الاستعمار الفرنسي منذ نعومة أظافره.
الانخراط في صفوف المقاومة السرية
نشط الزرقطوني فيما يعرف بالمقاومة السرية وكون سنة 1950 فرقة صغيرة من وطنيين فدائيين، أشرف على تدريبهم ونسق في إمدادهم بالسلاح.
إقدام السلطات الاستعمارية الفرنسية على نفي محمد الخامس بعيدا عن البلاد كثف من نشاط الوطنيين وتحركاتهم، وعرفت المقاومة إثر هذه الفعلة، التي وصفها الوطنيون وعموم المغاربة إذاك بالشنعاء، عرفت انعطافا نحو الفعل المسلح الأكثر تنظيما وهو جيش التحرير، مع تكثيف العمليات الفدائية التي أصبحت أكثر عددا وأكثر تأثيرا على السلطات الاستعمارية.
القيام بدور المنسق
والزرقطوني انخرط في هذا النسق العام وكثف اتصالات التنسيق مع مختلف الوطنيين المنتشرين في مختلف مدن وبوادي المغرب لأجل تنظيم عمليات فدائية تستهدف المعمرين أو الخونة من المغاربة الذين باعوا وطنيتهم مقابل متاع من الدنيا قليل. ويتذكر التاريخ الوطني لمحمد الزرقطوني أول عملية فدائية قام بها بمعية ثلة من الفدائيين المغاربة، حين أقدموا على تفجير القطار الذي ينقل المعمرين من العاصمة الجزائرية إلى الدار البيضاء والعكس.
وكان الزرقطوني، شأنه في ذلك شأن رفاقه المجاهدين من الفدائيين المغاربة الذين تطوعوا للدفاع عن وطنهم بلا مقابل ومسترخصين الغالي والنفيس، يحمل دائما حبة سم في جيبه، لأنهم كانوا يعتقدون دائما أنهم يوما ما سينتهون بين يدي السلطات الاستعمارية وما يعنيه ذلك من الدخول في مسلسل من التعذيب يبدأ ولا ينتهي إلا بالإعدام أو الموت، فيفضلون "الانتحار" باستعمال حبوب السم عند أول وهلة من الوقوع في قبضة جنود الاستعمار، لاعتقادهم أن قدرة الإنسان على التحمل ضعيفة، وقد يضطرون تحت التعذيب إلى كشف كل الأسرار عن أماكن وخطط المجاهدين.
ولم يغمض لسلطات الاستعمار بالدار البيضاء عين ولم تألوا جهدا في ترصد محمد الزرقطوني مستعملة عيونها المنتشرة في كل مكان، إلى أن ألقت عليه القبض في صباح 18 يونيو 1954 وهو في منزله بسيدي معروف، فاستخرج حبة سم من جيبه ورمى بها إلى جوفه وأسلم روحه قبل وصوله لدهاليز الشرطة المستعمرة حيث التعذيب، ليضيع على الاستعمار فرصة أخرى من فرص الوصول إلى أماكن الوطنيين وكشف خططهم المناوئة لها ولسياستها الاستعمارية الاستغلالية الشرهة.
شاهد على عصر الزرقطوني
يحكي أحد المقاومين المعاصرين لمحمد الزرقطوني وهو الحسين برادة عن الزرقطوني، في شهادته الحية المدونة في إحدى إصدارات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، فيقول "تعرفت على محمد الزرقطوني في أوائل شهر مارس 1951 عن طريق التهامي نعمان – ابن مدينة الدار البيضاء وصاحب مكتبة "الإخوان" بدرب السلطان بحي الأحباس- وفكرنا في القيام بالعمل المسلح ضد الاحتلال الفرنسي، بتنسيق مع نخبة من الوطنيين المخلصين".
مثال للشجاعة والدهاء
رغم أن محمد الزرقطوني كان في ريعان شبابه، حيث لم يتجاوز عمره آنذاك 27 سنة، إلا أنه فضل التضحية لأجل الوطن على الركون وإمضاء الوقت في الملذات، فقد كان مثالا للشاب الشجاع والمبادر إلى اختيار أصعب المهام، دافعه إلى ذلك رؤية المغرب متحررا من قيود الاستعمار كما كان.
وكان الزقطوني دائم التنقل بين المدن والقرى في سرية تامة لتنسيق عمل الحركة الوطنية والمقاومة من أجل أن تكون محكمة التنسيق والتنظيم.
ورغم أنه كان يعتبر نفسه جنديا من جنود الحركة الوطنية والمقاومة والعمل الفدائي لا قائدا، إلا أنه كان مع ذلك يحمل صفات القائد المسؤول الأول في التنسيق بين الجماعات المسلحة المتواجدة بالمدن والقرى، فكان يربط الاتصال بمقاومي فاس عن طريق عبد الله الشفشاوني وبمقاومي مراكش عن طريق حمان الفطواكي.

وعرف بين زملائه الوطنيين المقاومين بذكائه ودهائه في مراوغة الفرنسيين، وأخذ الحيطة والحذر من عيون الاستعمار التي تتعقبه في كل مكان، خصوصا مع وصول السلطات الاستعمارية عن طريق تحقيقاتها إلى كشف أسماء الوطنيين من منفذي عملية السوق المركزي بالعاصمة الاقتصادية في دجنبر 1953، واعتقالهم.
أمام هذا البحث المستمر من السلطات المستعمرة على محمد الزرقطوني، التي اعتبرت أنه قد يكون من العقول المدبرة لهاته العملية التي هزت كيان المعمرين الفرنسيين وأقلقت راحتهم ونبهتهم أن لا أمن لهم في وطن استعمروه وهو ليس لهم، وإحساس محمد الزرقطوني بقرب وقوعه في يد السلطات الاستعمارية فكثف من تنقله بين الأماكن ليشتت تركيزها، وفي المقابل وسع نطاق خلايا المقاومة السرية بتأسيس أخرى جديدة لضمان استمرارية عمل المقاومة إلى أن يتحقق الهدف الأسمى، الاستقلال والحرية.
نهاية الزرقطوني البطل
غير أن اعتقال السلطات الاستعماري لأحد أعز أصدقاء محمد الزرقطوني بمدينة فاس، البشير شجاعدين، عجل لمحمد الزرقطوني وقوعه في يد الاستعمار، لكن كجثة هامدة وليس حيا، كما وعد إخوانه المقاومين حين قال ذات لقاء "أعدكم أنه في حالة إلقاء الفرنسيين القبض علي فسيلقون القبض على جثة هامدة". وهو ما حصل بالفعل حينما اقتحمت الشرطة الفرنسية منزل الزرقطوني في الساعة الخامسة صباحا من يوم الجمعة 18 يونيو 1954، فابتلع حبة السم التي كان يحملها وفتح باب منزله مرحبا بعناصر الشرطة الفرنسية، التي كان يعلم أنها ستصل إليه يوما ما، وسلم نفسه بدون مقاومة وما أن وصل إلى مخفر الشرطة الاستعمارية حتى أصبح جثة هامدة قبل أن يبدأ التحقيق معه.
يوم استشهاده ذكرى وطنية للمقاومة
وهكذا تحول هذا اليوم إلى ذكرى وطنية يحتفي فيها المغرب باليوم الوطني للمقاومة، في 18 يونيو من كل سنة، وهو يوم نتذكر فيه التضحيات الجسام التي قدمها محمد الزرقطوني وأمثاله من الوطنيين الصادقين الذين استرخصوا الغالي والنفيس في سبيل الذود عن حياض البلاد وحوزتها.
واليوم أصبح من شبه المستحيل أن تجد شارعا أو مدرسة أو حديقة عمومية أو مستشفى أو مرفقا عموميا آخر في كل مدن المغرب، بل وفي بواديه، لا تحمل اسم محمد الزرقطوني، وأبرز مثال على ذلك شارع محمد الزرقطوني بالدار البيضاء، الذي يعد من أهم شوارع العاصمة الاقتصادية.

اليوم الوطني للمقاومة.. تجسيد لعظمة الكفاح الوطني وقيم الوفاء لأرواح شهداء الحرية والاستقلال

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير