انعقد يوم الخميس 17 من ذي الحجة 1436 الموافق لـ فاتح أكتوبر 2015 الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة، خصص للمدارسة والمصادقة أو الموافقة على عدد من النصوص القانونية والتنظيمية، والمصادقة على مقترح تعيين في منصب عال، ومدارسة عدد من المستجدات.
وعلى ضوء المستجدات الخطيرة التي عرفتها القضية الوطنية في السويد، وبعد اللقاءات الأخيرة للسيد وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالسيدة وزيرة الشؤون الخارجية لدولة السويد بنيويورك والتي عبر فيها عن الاستنكار الشديد والغضب الكبير للمغرب إزاء التطورات الخطيرة التي تعرفها كل من السياسة والموقف السويدي السلبي إزاء قضية الصحراء المغربية، ويؤكد مجلس الحكومة أن ذلك موقف عدائي ليس فقط بسبب محاولات السعي نحو الاعتراف بالجمهورية الانفصالية المزعومة بل لأنه اتخذ أبعادا اقتصادية تستهدف عيش المغاربة وقوتهم بفعل قرارات متواصلة في السويد من أجل مقاطعة المنتوجات المغربية ذات المنشأ في الأقاليم الصحراوية الجنوبية ومقاطعة الشركات المغربية ومقاطعة الشركات الأجنبية التي تتعامل مع بلادنا وتنشط في الأقاليم الصحراوية، رغم أن ذلك مخالفة لقرارات الأمم المتحدة والتي تعتبر المغرب سلطة إدارية على الأقاليم الصحراوية الجنوبية.
واعتبر المجلس أن هذا الوضع الذي انطلق منذ سنوات يفرض اتخاذ موقف صريح وحازم، خاصة وأن ما صدر عن السويد لم يعد يقتصر على التراب السويدي بل امتد إلى الاتحاد الأوروبي، حيث تم شن حملات من أجل التصويت ضد الاتفاقيات التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع المغرب وتجنيد وتعبئة الدول الأخرى للقيام بنفس الأمر وصولا إلى دعم منظمات غير حكومية أجنبية أو مغربية من أجل الانخراط في هذه السياسات. ولهذا يعلن مجلس الحكومة أن بلادنا وهي تقيم كل ذلك تفكر في اتخاذ إجراءات مماثلة وبطريقة جدية اتجاه السويد وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل خاصة وأن الأمر يمس عيش المغاربة واقتصادهم وشركاتهم ومؤسساتهم الاقتصادية، في ظل ما يكشفه الميزان التجاري بين كل من السويد والمغرب والمختل بشكل كبير لفائدة السويد، حيث تفوق الصادرات السويدية إلى المغرب بحوالي سبع مرات الصادرات المغربية إليها، وهنا سنتجه إلى مقاطعة الشركات السويدية عملا بمبدأ المعاملة بالمثل بعد حملات المقاطعة للشركات المغربية، وأيضا بعد إقدامهم على تقديم الشركات السويدية إلى القضاء في حالة عدم التزامها بهذه السياسة السويدية. تبعا لذلك، يأمل المجلس أن تراجع السويد سياستها ومواقفها تجاه هذا الموضوع الوطني المصيري وتعيد النظر في سياستها الاقتصادية المتعلقة به، وإلا سنذهب إلى أبعد مدى في توجهنا للرد بالمثل.
واعتبر المجلس أن المغرب قوي بموقفه وبإصلاحاته وبرصيده وباختياراته، وبما نهجه من سياسات على المستوى السياسي توجت بعد المراجعة الدستورية بإطلاق مشروع الجهوية المتقدمة وإجراء مختلف العمليات الانتخابية اللازمة لإرساء مؤسسات هذه الجهوية، وعلى المستوى الاقتصادي التنموي بعد إطلاق النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية الجنوبية، وأيضا على المستوى الاجتماعي بسلسلة من الإصلاحات الاجتماعية التي تعيد الاعتبار للمواطن المغربي كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومدونة الأسرة، فضلا عن الإصلاحات التي اتخذت على المستوى الحقوقي كإصلاح مدونة القضاء العسكري، وإرساء المجلس الوطني للإنسان وإحداث لجن جهوية لحقوق الإنسان، وطيلة السنوات الأخيرة لم يتوقف مجلس الأمن في قراراته عن الإشادة بهذه الخطوة الهامة، فضلا عن الرصيد المعتبر الذي تحقق بهيئة الإنصاف والمصالحة والذي أدى إلى تمكين بلدنا من طي صفحة الانتهاكات، فضلا عن المعالجة المسؤولة والشجاعة لقضايا الهوية المغربية، والتي تعززت بتنصيص الدستور الجديد على مكونات الهوية المغربية وضمنها المكون الصحراوي الحساني والتوجه نحو اعتماد سياسات فعالة على المستوى الثقافي والتعليمي والإعلامي من أجل احترام الخصوصية الثقافية الصحراوية وتثمينها وجعلها أحد مقومات إشعاع بلادنا. وهي إصلاحات نتجت عن إلتقاء مختلف الإرادات الوطنية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله من أجل المضي في بناء مغرب متقدم يحتل مكانته بين الدول الصاعدة.
كما تدارس المجلس وصادق على ثلاث مشاريع مراسيم، تقدم بها السيد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية. يتعلق النص الأول بمشروع مرسوم رقم 374-15-2 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 1300-07-2 الصادر في 3 جمادى الآخرة 1430 (28 ماي 2009) لتطبيق القانون رقم 05-41 المتعلق بهيئات الأموال بالمجازفة. يهدف هذا المشروع إلى التنصيص على أن السلطة الحكومية المكلفة بالمالية هي من يمثل الإدارة في تطبيق مقتضيات القانون رقم 05-41 المتعلق بهيئات الأموال بالمجازفة كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14-18، كما يحدد أشكال تنفيذ هذه المهمة.
أما النص الثاني فيتعلق بمشروع مرسوم رقم 697-15-2 بتتميم المرسوم رقم 862-77-2 بتاريخ 25 من شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) بتطبيق مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة. يروم هذا المشروع تتميم المواد 2014 مكرر و214 مكرر ست مرات من المرسوم رقم 862-77-2 السالف الذكر بالتنصيص على تفويت، بدون مقابل، وسائل الملاحة والأسلحة والذخائر المصادرة، والتي لا يمكن تفويتها بالنظر لطبيعتها، لفائدة إدارة الدفاع الوطني والإدارات المكلفة بالأمن الوطني. وللإشارة فإن القوانين والتنظيمات المعمول بها إلى حد الآن تحصر التفويت بدون مقابل لفائدة المستشفيات والملاجئ وباقي الأعمال الخيرية. وبالرغم من غياب السند القانوني، تقوم إدارة الجمارك بوضع وسائل الملاحة والأسلحة والذخائر المصادرة تحت تصرف السلطات المكلفة بالأمن العام دون مقابل وذلك بهدف تفادي انتقال هذه السلع من جديد إلى أيدي المهربين ومرتكبي الغش والحفاظ على هذه المعدات من مخاطر التلف وتعزيز الوسائل المتاحة للأجهزة العسكرية والأمنية من أجل محاربة التهريب، أما النص الثالث فيتعلق بمشروع مرسوم رقم 699-15-2 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 862-77-2 بتاريخ 25 من شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) بتطبيق مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة. يهدف هذا المشروع إلى تشجيع وسيلة الأداء المنصوص عليها في الفصل 94 من مدونة الجمارك والمتمثلة في السندات المكفولة لـ60 أو 90 أو 120 أو 180 يوما على تاريخ الاستحقاق وذلك من أجل أداء الرسوم والمكوس والغرامات وباقي المبالغ المستحقة وذلك من خلال تخفيض سعر الفائدة المحددة حاليا في 8%، لا سيما وأن المخاطر المرتبطة بهذه الوسيلة للأداء تبقى شبه منعدمة نظرا لكون الأداءات من هذا القبيل مضمونة من طرف الأبناك.
بعد ذلك، تدارس المجلس وصادق على مشروع مرسوم رقم 448-15-2 بنسخ المرسوم رقم 185-70-2 بتاريخ 18 من جمادى الأولى 1390 (22 يونيو 1970) المحددة بموجبه التدابير الخصوصية للوقاية الطبية وقواعد المحافظة على الصحة المطبقة بالمؤسسات التي يتعرض فيها المستخدمون عادة للتسمم بملح الرصاص، تقدم به السيد وزير السكنى وسياسة المدينة نيابة عن السيد وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية. وينص هذا المشروع على نسخ المرسوم سالف الذكر وذلك لتفادي بقاء نص قانوني يتضمن مقتضيات متناقضة مع تلك التي تضمنها قرار وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية رقم 4575.14 الصادر في 24 دجنبر 2014 بتحديد ظروف استعمال الرصاص أو مركباته والذي يمنع استعمال هيدروكاربونات الرصاص وكذا كل المستحضرات المحتوية على إحدى هذه المواد في جميع أشغال الصباغة، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 5 من الاتفاقية الدولية رقم 13 المتعلقة باستعمال الرصاص الأبيض في الطلاء التي صادق عليها المغرب سنة 1956. كما أن هذا القرار جاء بعدة مقتضيات جديدة متعلقة بقواعد حفظ الصحة الواجب اتخاذها من طرف المشغل لحماية الأجراء المعرضين للرصاص أو لمركباته تغير تلك المحددة في المرسوم 185-70-2 السالف الذكر.
على إثر ذلك، تدارس المجلس ووافق على الاتفاق المنشئ بموجبه المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية كمنظمة دولية، تقدمت به السيد الوزيرة المنتدبة لدى السيد وزير الشؤون الخارجية و التعاون. يهدف هذا الاتفاق إلى تحقيق الانسجام فيما بين الشركاء المانحين في مساندتهم لمبادرات البحوث الرئيسية، وتوفير التوجيه لنظام "الكونسرتيوم" بالإضافة إلى تنسيق الأنشطة بين المراكز الأعضاء والشركاء الآخرين في إطار استراتيجية مشتركة بغرض تمكينهم من زيادة مساهماتهم الفردية والجماعية في تحقيق رؤية "الكونسرتيوم". وتحل المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية كمنظمة دولية محل المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية التي أنشأت سنة 1971.
كما صادق المجلس على مقترح تعيين في منصب عال، طبقا لأحكام الفصل 92 من الدستور، يهم المندوبية السامية للتخطيط ويتعلق بالسيد جمال بختي الذي عين في منصب مدير التخطيط.
وفي ختام أشغاله، استمع المجلس إلى عرض للسيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني حول المعطيات المتعلقة بالدخول المدرسي 2015-2016. حيث توقف السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني عند أهم المستجدات المرتبطة بالدخول المدرسي 2015-2016، والتي سيقع فيها العمل على تنزيل الرؤية الاستراتيجية لقطاع التربية والتكوين 2030، وخاصة ما يهم تحسين المنهاج الدراسي للسنوات الأربعة الأولى من الابتدائي، وتعميق التكوين في الكفايات الأساسية بالنسبة للمتعلمين وتقوية التكوين في اللغات الأجنبية ودمج التعليم العام والتكوين المهني وتطوير منظومة التوجيه المدرسي والمهني. أما بخصوص المعطيات الرقمية للدخول المدرسي الحالي، فقد بلغ عدد التلاميذ في قطاع التربية الوطنية في التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي ما يفوق 6 ملايين و882 ألف تلميذة وتلميذا، ضمنهم على المستوى القروي 2.676.551 والتعليم الخصوصي 858.407، أما على مستوى المتدربين فقد بلغ 439.000. وقد تفضل السيد الوزير في عرضه بتقديم معطيات تهم الدعم المدرسي، حيث ارتفع عدد المستفيدين من المبادرة الملكية "مليون محفظة" إلى 3.909.895، والمستفيدين من الإطعام المدرسي 1.400.244 بزيادة 12,3% مقارنة مع الموسم الماضي، والمستفيدين من برنامج تيسير إلى 524.400 أسرة أي بزيادة 6.3%، فضلا عن تعزيز التوجه لمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالتأطير والبنايات لمواكبة التحولات التي تعرفها الخريطة المدرسية والاحتياجات المتزايدة.
من جانبه، توقف السيد وزير الصحة عند التطورات الأخيرة المرتبطة بموضوع الخدمة الصحية الوطنية، حيث أخبر أعضاء المجلس بالحوارات التي تم تنظيمها مع ممثلين عن التنسيقية الوطنية للطلبة في الطب وممثلين عن اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين هذا الأسبوع، وهي الاجتماعات التي أكد فيها السيد الوزير أولا على أهمية هذا المشروع الوطني الساعي لحل إشكالية التوزيع الغير عادل للأطر الطبية على المستوى الوطني خاصة في ظل التركيز الكبير للأطباء في محور الرباط – الدار البيضاء بحوالي 45%. كما أكد على أن هذا الحوار كان موضوع محضر تم التوقيع عليه من قبل كل الأطراف ،وجرى التأكيد فيه على أنه فيما يتعلق بالخدمة الصحية الوطنية أن الأمر يتعلق بمسودة مشروع تحمل أفكارا ولم يتم وضعها بعد للمصادقة وأن الوزارة ستأخذ الوقت الكافي للنقاش حول مسودة هذا المشروع وأن المشروع لن يقدم إلا بعد التوافق عليه، وبعد مناقشة مستفيضة من المجلس للموضوع، لا سيما بعد أن أشار السيد الوزير إلى عدد من المغالطات التي يقع الترويج لها، سواء تعلق الأمر بالتأمين أو التغطية الصحية أو الأجر، حيث سيستفيدون من نفس الأجر الذي يستفيد منه نظرائهم في القطاع العام أو مختلف القضايا الأخرى، فإن الحكومة تعبر عن دعمها الكامل للسيد وزير الصحة في هذا المشروع.