تعزز مسار اعتماد مدونة للصحافة والنشر حديثة وعصرية، اليوم الأربعاء 23 دجنبر 2015، بمصادقة مجلس الحكومة على مشروع قانون رقم 13-88 يتعلق بالصحافة والنشر، وكذا بمصادقة مجلس النواب، في نفس اليوم، على مشروع قانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين ومشروع قانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة. وهو مسار انطلق منذ سنة 2012، بناء على رصيد تراكم طيلة العشر سنوات الماضية، ووفق مقاربة تشاركية واسعة شملت الهيآت المهنية والجمعيات والمؤسسات والقطاعات المعنية، وتمخض عنها إعداد مشروع مدونة متقدمة، بمكوناتها الثلاث، تعمل على مواكبة تطلعات المهنيين من صحفيين وناشرين، وفق مقتضيات الدستور الجديد، ووفاء بالتزامات المغرب الدولية.
وقد صادق مجلس الحكومة المنعقد اليوم على مشروع قانون رقم 13-88 يتعلق بالصحافة والنشر، تقدم به السيد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. ويتضمن النص مستجدات هامة تتجلى أساسا في إلغاء العقوبات الحبسية من قانون الصحافة والنشر وتعويضها بغرامات مالية وعقوبات بديلة غير حبسية، والاعتراف القانوني بحرية الصحافة الرقمية وإرساء ضمانات قضائية لحماية هذه الحرية، بالإضافة إلى إرساء الحماية القضائية لسرية المصادر، وضمان الحق في الحصول على المعلومات وفقا للقانون، وإرساء التزام الدولة بالحماية المؤسساتية للصحفيين من الاعتداء، والعمل على إرساء ضمانات الحياد والشفافية وتكافؤ الفرص والتعددية في الدعم العمومي الموجه للصحف. كما ينص هذا المشروع على أن الاختصاص المتعلق بحجز الصحف أو حجب المواقع الإخبارية الإلكترونية يبقى اختصاصا قضائيا، مع إرساء إصلاح شامل وعميق لمنظومة القذف بما يمكن من احترام الحياة الخاصة والحق في الصورة وإرساء ضمانات تتيح تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل التقاضي، كما جعل الاختصاص المكاني محصورا إما في مقر المؤسسة الناشرة أو في مقر إقامة المشتكي، كما عمل هذا النص على إصلاح نظام حالة العود حيث ألغى العقوبة الحبسية المرتبطة به، كما جعله محصورا في سنة واحدة وربط المسؤولية فيه بكاتب المقال أو المحرر للمادة الصحفية، وأقر حرية الإصدار الصحفي الورقي والرقمي.
كما تضمن هذا المشروع مستجدات هامة أخرى تهم تعزيز استقلالية الصحفي وتعزز احترام قرينة البراءة وضمان الولوج إلى المعلومة القضائية والحق في نشر مداولات المحاكم، كما نص على الأخذ بحسن النية في تقدير التعويض عن الضرر في قضايا القذف والتوجه نحو تمكين الصحف الرقمية من رخص التصوير وإرساء ضمانات حرية المبادرة وتشجيع الاستثمار في قطاع الإعلام والصحافة، فضلا عن أن النص عزز مبدأ التصريح في إصدار الصحف والمواقع الإلكترونية.
كما تدارس المجلس وصادق على مشروع قانون رقم 15-73 يقضي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون الجنائي، والذي يهم أساسا إصلاح الإطار القانوني لبعض الجرائم المتعلقة بالإساءة لثوابت المملكة المنصوص عليها في الدستور، فضلا عن جريمة التحريض على ارتكاب الجنايات والجنح وجريمة التحريض على الكراهية أو التمييز العنصري. حيث ينص المشروع على تدقيق العبارات المرتبطة بهذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة به على المستوى الدولي، ومع تقليص العقوبات بالمقارنة مع المنظومة القانونية الحالية وترك الخيار للقضاة للحكم بإحدى العقوبتين السالبة للحرية أو المالية في إطار سلطتهم التقديرية.
كما صادق مجلس النواب، اليوم الأربعاء، في جلسة عامة على مشروع قانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين ومشروع قانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، بالأغلبية ودون تسجيل أي اعتراض من الفرق البرلمانية. ويمثل هذين النصين أيضا خطوة متقدمة في تدعيم استقلالية الممارسة الصحفية عبر إرساء المجلس الوطني للصحافة كآلية ديمقراطية ومستقلة للتنظيم الذاتي للمهنة، والذي سيضطلع بمهام منح بطاقة الصحافة والقيام بمهام التحكيم والوساطة ووضع إطار لاحترام أخلاقيات المهنة، بالإضافة إلى إرساء ضمانات الحماية القضائية عبر جعل سحب بطاقة الصحافة من اختصاص المجلس لمدة مؤقتة أو من اختصاص القضاء وليس الإدارة، وذلك وفقا لمقتضيات محددة في القانون. كما أن هذين النصين أرسيا ضمانات الحماية المهنية والاجتماعية للصحفيين، فضلا عن العمل من أجل إرساء المقتضيات المرتبطة بجعل الولوج للمهنة مرتبط بالتوفر على مؤهل جامعي، بالإضافة إلى منع ولوج المهنة على الذين صدرت في حقهم أحكام حائزة لقوة الشيء المقضي به في قضايا النصب والاحتيال والابتزاز والارتشاء وتجارة المخدرات والاستغلال الجنسي للقاصرين وغيرها من القضايا المحددة في القانون، بالإضافة إلى منح الصحفيين المهنيين المعتمدين، الحاملين للجنسية المغربية، حق الاستفادة من نفس الحقوق والامتيازات التي يستفيد منها الصحفيون المهنيون المشتغلون في مؤسسات وطنية.
وللإشارة، فقد حرصت وزارة الاتصال على الأخذ بغالبية الملاحظات المقدمة من قبل المهنيين والناشرين حول بعض مقتضيات مشروع قانون الصحافة الذي كان معروضا على أنظار مجلس الحكومة، أو المشاريع الأخرى التي كانت معروضة على مجلس النواب، وهو ما يعكس إرادة الحكومة في الاستجابة لانتظارات المهنيين عبر الحرص على استيعاب الملاحظات المثارة.