HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة
تصفحوا العدد 331 من جريدة حقائق جهوية الكترونيا pdf





رحيل المناضل الكبير أحمد بنجلون ..


حقائق بريس
الثلاثاء 3 فبراير 2015



جلالة الملك يبعث برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم الأستاذ أحمد بنجلون


رحيل المناضل الكبير أحمد بنجلون ..








بقي الموت يتربص به منذ عقود طويلة إلى أن نال مراده منه صباح اليوم، وجاء ذلك إثر تدهور بدا جليا على حالته الصحية منذ أسبوعين.. فمنذ "سنوات الرصاص" وأحمد بنجلون يفلت من الموت ضمن محطات عدّة كانت أبرزها عام 1971 عندما حُكم عليه بالإعدام، قبل تخفيض العقوبة إلى الحبس النافذ، إلا أن الرحيل كان اليوم حقيقة لا فرار منها.
فارق أحمد بنجلون الحياة عن عمر بلغ 73 سنة، مخلّفا وراءه إرثاً سياسياً لا يعدّ تأسيس حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي سوى واحداً من تجليّاته.. فالرجل لم يقبل أن يكون مجرّد حامل لاسم شقيقه عمر بنجلون، المغتال عام 1975، بل قرّر المضي قدماً في عوالم السياسة.. كما لو أن وفاة عمر قد زادته إصراراً على الثبات.
لم يكن بنجلون فخراً لأبناء حزبه فقط، بل لعائلة اليسار الكبيرة بكل ألوانها وكيفما تنوّعت الاختلافات مع نهج حزبه المتموقع في المعارضة، حيث لوقي دوما باحترام شديد لشخصه.. والراحل سطر مساره ما بين وطنه المغرب وبين الجزائر واسبانيا وفرنسا، كما غطّت ندوب التعذيبات التي تلقاها عددا من أنحاء جسده، دون محيد عن إخلاصه لإرث نضال "سنوات الرصاص".. جاعلا من اسمه شخصية مفصلية ضمن أداء اليسار المغربي.
من أكبر المحطات التي مرّ بها الفقيد اعتقاله في مدريد من طرف الأمن الإسباني عام 1970، وكان ذلك عندما استقر لفترة مؤقتة مع قيادي اتحادي آخر هو سعيد بونعيلات.. إذ اتهم بالإعداد لعمليات عسكرية انطلاقاً من التراب الإسباني.. ونظراً للتعاون القضائي المغربي الإسباني جرى تسليم بنجلون إلى سلطات الرباط وذاق أصنافاً من التعذيب داخل "دار المقري".
غير أن المحاولة الانقلابية الفاشلة على الملكيّة عام 1971، بقصر الصخيرات، قد كانت فأل خير على الراحل، فقد كان من المنتظر أن يجري إعدامه لخطورة التهم الموجهة إليه، قبل أن يقع تراجع عن ذلك والاكتفاء بعشر سنوات سجناً نافذاً في حقه.
ومن المحطات التي بصمت مسار الراحل، انشقاقه رفقة عدد من أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1983 بسبب خلاف جناحهم "تيار الشهداء" مع البقية حول عدة نقاط منها المشاركة في الانتخابات، ليتم تأسيس "الطليعة الاشتراكي الديمقراطي" في حادث عرف اعتقال بنجلون من جديد رغم أن الواقعة كانت شأناً داخلياً لحزب الوردة.
في هذه شهادة مؤلمة سبق نشرها سنة 2001، يقول بنجلون:"عمد الحسوني (أحد الجلادين) إلى تقطيع أخمص قدمي، ومع ذلك لم أحس بشيء، فقد كانتا ميتتين من فرط الألم ومنتفختين، نزف منهما سائل أسود ممزوج بأشياء دقيقة بيضاء، لقد كانت ديدانا بدون شك، عندئذ تدخل عبد المجيد القباج، وقال لي: لا تعتقد انك أفلتت، فالمرة الجاية غانخرجو لدين مك الجران من رجليك... وأخذني القباج مع اثنين من الحجاج وسكبوا على قدمي قنينة كحول، وبالرغم من أنني كنت ميتا من الألم فقد صرخت في وجوههم، وضعوا ضمادتين على قدمي، الضمادتان اللتان سأظل بهما حتى عندما وقفت أمام قاضي التحقيق ستة أشهر بعد ذلك".
ويضيف: "كان التعذيب يجري في كثير من الأحوال مجاناً، إذ حتى عندما لا يكون هناك مبرّر لاستخراج المعلومات، يتواصل التنكيل بي لمجرد إنهاك قواي لألقى حتفي، حيث كان المطلوب أن أتذوق العذاب قبل الموت لأعرف جبروت المخزن وشنو هو لحكام".
وفي استعادته للعقود الطويلة التي جمعتهما في درب السياسة والمحاماة، يقول عبد الرحمان بنعمرو، في تصريح لهسبريس، إن الراحل كان موفقاً إلى حد كبير في عمله المهني، خاصة عندما كان يدافع عن ضحايا حرية التعبير، منطلقاً من تجاربه المريرة داخل مقرّات التعذيب المغربية. فـ"أحمد كان سليل عائلة مناضلة تشرّبت الدفاع عن حقوق الآخرين حتى ولو كلّفها ذلك التصفية والاعتقال" وفق تعبير بنعمرو.
ويضيف عبد الرحمان أن آثار أحمد بنجلون لا تزال حاضرة في حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، عندما تمسك بالاشتراكية العلمية وبالثبات على المواقف، وكذلك بالعمق التحليلي وأخذ قرارات المشاركة في الانتخابات من عدمها، مبرزاً أن الشلل النصفي الذي تعرّض له الراحل عام 2008، لم يتنه عن الاستمرار في متابعة الشأن السياسي، لا سيما وأنه بقي في الكتابة الوطنية.
سمات حياة الراحل برزت من خلال صبره على الاعتقال والتعذيب واغتيال شقيقه وغدر الأصحاب، تماما كما تحدّى مرضه منذ سقوطه من القطار عام 2008، كل ذلك بعيدا عن الأضواء التي يستحق أن تسلط عليه.. وحتى بعد نقله قبل 15 يوما إلى المستشقى العسكري بالرباط، بقي أحمد بنجلون متحليا بالجَلد ومتشبتاً بالأمل في استمرار الحياة، إلّا أن الرحيل كان أقوى منه هذه المرة، واختطفه في زمن طغى الرحيل فيه على رعيل كامل من شخصيات الوطن.
وداع احمد بنجلون سيكون بمقبرة الشهداء، غدا بعد صلاة الظهر، حسب ما أكدته عائلته لهسبريس.. وذلك بحضور من يتذكر أحمد بنجلون ومساره الشامخ، ليس فقط داخل السياسة والمحاماة، بل كذلك داخل العمل النقابي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكذلك بالتحركات النضالية الهامة للقضية الفلسطينية.


جلالة الملك يبعث برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم الأستاذ أحمد بنجلون

بعث الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم الأستاذ أحمد بنجلون، مؤسس حزب الطليعة وأحد أيقونات العمل السياسي اليساري بالمغرب، وذلك بعدما وافته المنية أمس بالرباط.
وأعرب الملك، ، لأفراد أسرة المرحوم ومن خلالهم لكافة أهله وذويه وعائلته السياسية الكبيرة، خاصة حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي، عن أحر التعازي وصادق المواساة "في رحيل هذا المناضل الملتزم، الذي نذر حياته للدفاع عن القضايا العادلة للوطن والمواطنين، بما هو معهود فيه من ثبات على المبادئ، ومن خصال إنسانية وفكرية ومهنية عالية" وفق تعبير البرقية.
ومما ورد في تعزية الملك: "الله تعالى نسأل أن يتغمد الراحل بواسع رحمته ومغفرته، ويتقبله في عداد الصالحين من عباده، ويسكنه فسيح جنانه، جزاء على ما قدم بين يديه، من أعمال مبرورة، في خدمة وطنه، وأن يعوضكم عن فقدانه جميل الصبر وحسن العزاء، والرضى بقضاء الله".

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير