شهدت رحاب الكلية المتعددة التخصصات بخريبكة تنظيم يوم دراسي وتنظيمي بدعم من المجمع الشريف للفوسفاط نظمته لجنة متابعة بناء النسيج المدني بخريبكة حضرته 147 جمعية متنوعة الاهتمامات وحوالي 300 مشارك ومشاركة يمثلن عدد من الفعاليات المدنية والإعلامية تحت شعار "نسيج مدني في أفق المصالحة وتجسيد التشاركية في تحقيق التنمية" وذلك يوم 08 أبريل 2017 بعد عقد سلسلة من اللقاءات التواصلية بين أغلب الفعاليات الجمعوية بمدينة خريبكة، منها جمعيات ثقافية ورياضية ومهنية وشبابية وجمعيات الأحياء وغيرها والذي تخلله تقديم كلمات في الجلسة الافتتاحية من طرف اللجنة المنظمة بدءا من كلمة السيد علال البصراوي، بصفته منسقا للجنة متابعة بناء النسيج المدني بخريبكة، وكلمة السيد الشرقي الغانمي رئيس المجلس الجماعي ونائب برلماني، والسيد فريد لوستيك والسيدة الحاجة مليكة الراشيدي عياش عن بعض الجمعيات، وانكب المشاركون الذين تم تقسيمهم إلى أربع ورشات عملية مندمجة طيلة اليوم من تشخيص الوضعية التنموية بمدينة خريبكة، عبر إبراز ثلاث محددات أساسية متمثلة في نقط القوة ونقط الضعف وطرح المشاكل والإشكاليات وبسط الحلول الملائمة مع تقديم المقترحات الكفيلة بتلبية حاجيات الجمعيات والسكان بمختلف فئاتها وذلك بمعية خبراء في المجال الذين سيعملون على تفريغ محتويات وتوصيات الورشات وتقديمها في لقاء ثاني للمشاركين.
وتوج اليوم الدراسي بتلاوة أهم التوصيات والخلاصات والتقارير الخاصة باللجن مع تشكيل مجلس للنسيج المدني من خلال تمثيلية جميع رؤساء الجمعيات المشاركة أو من ينوب عنهم، مع منح لجنة المتابعة صلاحية إتمام مهامها المرتبطة بتجميع خلاصات اليوم الدراسي، والتنسيق بين مكونات النسيج المدني إلى غاية انعقاد أول لقاء له والتفكير مليا في خلق قانون أساسي للنسيج الجمعوي يظم بين تناياه جهاز تقريري قانوني ومسؤول.
وتجدر الإشارة إلى أن تشكيل النسيج الجمعوي بخريبكة يأتي سياقه من خلال تتبع الواقع التنموي لمدينة خريبكة ومشهدها العام بكل تفاصيله، والتي من خلالها تم رصد العديد من الإختلالات البنيوية التي جعلت المدينة تعيش في حالة ركود وانسداد مزمنين، وجعل وضعها لايتجاوب مع انتظارات ساكنتها في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مما خلق لديهم إحساسا بالإحباط وانسداد الأفق. الأمر الذي لايمكن تجاوزه إلا بتحليل عميق للأسباب والبحث عن سبل تجاوزها من خلال وضع تشخيص تشاركي عرضاني وتقديم مقترحات تساهم في بناء تصور تنموي للمدينة عبر رؤى وبرامج ومشاريع مهيكلة مع مايتطلبه ذلك من روح المسؤولية والإلتزام.
أما على مستوى العمل المدني فيلاحظ أن المجتمع المدني بخريبكة يعيش وضعية تعكس مفارقة واضحة بين ملأ الفضاء العام والنتائج المحققة. وهكذا فبالرغم من أن مدينة خريبكة تعد من المدن التي تنشط فيها الجمعيات بقوة وكثافة منذ عقود من الزمن، وبتنوع كبير(ثقافي، حقوقي،مهني،نسائي، الطفولة والشباب، جمعيات موضوعاتية متخصصة...) فإن المتتبع يلاحظ تواضع النتائج المحصل عليها، وتحديدا مدى تأثير ذلك العمل، مع مايقتضيه من جهد ووقت ومال ومدى تأثيره على حياة الناس سواء من خلال الخدمات المباشرة أو من خلال التأثير في صناعة القرار المحلي.
ولاشك أن هذه المفارقة أصبحث في الفترة الأخيرة أكثر وضوحا، الأمر الذي فرض وقفة تأمل حقيقية حول جوانب أساسية يبقى أهمها الجانب التنظيمي وحالة الشتات التي تعيشها التنظيمات الجمعوية مع ضعف البنيات التحتية والبشرية واللوجيستيكية وضعف الموارد المالية لاسيما وأن جل الجمعيات لاتستفيذ من الدعم الأجنبي المبني على مشاريع كما هو الحال في مدن أخرى، ناهيك عن ضعف التواصل مع باقي الفاعلين خاصة المؤسسات صاحبة القرار.
ولعل كل هذه المعيقات حالت دون أن يكون المجتمع المدني قوة اقتراحية حقيقية وبالأحرى شريكا في تحقيق التنمية الشاملة.
وفي هذا الإطار يأتي تأسيس النسيج المدني الذي يضم كل الجمعيات الراغبة في الانضمام ويحترم خصوصية الجمعيات ولا يحل محلها بل يدعم أنشطتها ويعمل على إنجاحها، وذو طبيعة مدنية مستقل عن الجهات الإدارية والسياسية، ويسعى إلى التعاون مع الجميع ويحترم اختصاصات كل الجهات والأطراف، كما يعتمد الديمقراطية والشفافية وهدفه المساهمة في إخراج المدينة من حالة التردي التي تعيشها وإطلاق سيرورة التنمية الشاملة بالمدينة حتى تحتل المكانة التي تستحقها جهويا ووطنيا. وتبرز أذاته في ذلك المنهجية الديمقراطية والتشاركية في وضع تشخيص مبني على الخبرة والمعرفة والمهنية ثم الترافع، كقوة إقتراحية، لدى الجهات صاحبة القرار، واعتماد كل الوسائل التي أقرها دستور المملكة المغربية وقوانينها للمجتمع المدني كشريك في وضع برامج التنمية وتتبعها. وتطوير مردودية النسيج الجمعوي وتنمية قدراته وتوسيع مشاركته في الشأن العام المحلي وتوفير شروط سليمة وملائمة لتفاعله مع المؤسسات المسؤولة عن التنمية بالمدينة، وفق مجموعة من المبادئ التي تحكم علاقته الداخلية وتوجه أهدافه واسترتجيته وبرامجه المبنية على الإستقلالية، المساواة، الشفافية، المناصفة، الديمقراطية الداخلية، ووفق مقاربات الإشتغال الحديثة المرتكزة على المقاربة التشاركية، المقاربة الحقوقية، المقاربة المجالية والتنمية المحلية المندمجة، وكذا الإعتماد في تدبيره على آليات الحكامة الجيدة والديمقراطية معتمدا في الوقت ذاته على الوسائل والآليات المضمونة بالدستور والقوانين الوطنية والتجارب المقارنة، مع التركيز على إنجاز دراسات وأبحاث والتواصل والحوار والترافع لدى مختلف المؤسسات المعنية بالتنمية محليا، جهويا، ووطنيا وإعداد مذكرات وتقارير لهذا الغرض مع تقديم عرائض للسلطات العمومية وملتمسات في مجال التشريع كما حددها دستور 2011 قصد إشراك مختلف الفاعلين الإجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها.